اعتبر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، عاموس يدلين، أنه بعد عامين تقريبا على هجوم 7 أكتوبر، تقترب إسرائيل من “كارثة أخرى” على شكل “خسارة سياسية وإستراتيجية عميقة ومستمرة. ومن طالب ’بانتصار مطلق’، وتعهد بالقضاء على حماس وإعادة المخطوفين، يحصل فعليا على وضع تسيطر فيه حماس بدون بديل في غزة، ولم تتم إعادة مخطوفين، وشرعية إسرائيل الدولية في حضيض غير مسبوق”.
وأضاف يدلين في مقال نشره موقع القناة 12 الإلكتروني اليوم، الأحد، أن “هذا كله يحدث بعد إنجازات عسكرية رائعة في لبنان وسورية وإيران وحتى في غزة. ورغم ذلك، لا تبدو إسرائيل اليوم كمنتصرة، وإنما منهكة ومعزولة وغارقة في منطقة لا يوجد فيها هدفا واضحا”.
وأشار إلى أن “الهدف الذي يوجه إسرائيل هو خوض ’حرب لا تنتهي’. وهذا هدف مناقض للمفهوم الأمني الإسرائيلي، الذي يرى ضرورة بوجود مجتمع مزدهر ومتطور بين الحروب، ولذلك يسعى إلى حروب سريعة مع إنجاز عسكري واضح يقود إلى إنجاز سياسي. والجيش الإسرائيلي، الذي يعتمد على قوات الاحتياط، أي أولئك الأشخاص الذين يتعين عليهم أن يطوروا الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي، قادر على تحقيق الإنجاز المطلوب عندما يُدار بموجب العقيدة الإسرائيلية. وعندما يُدار الجيش بصورة فاشلة، الفشل يكون النتيجة أيضا”.
وتابع يدلين أن مزاعم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بـ”الانتصار المطلق” لم تكن واقعية منذ البداية، ولفت إلى أن “الانتصار المطلق الذي يستسلم فيه العدو بدون شروط، لم يتحقق في أي حرب منذ العام 1945. وكانت هناك انتصارات إستراتيجية، مثلما حدث في لبنان وإيران، لكن المعركة في غزة بالذات، التي كانت الدافع للحرب الأطول في تاريخ إسرائيل، ضعفت. وحماس صامدة”.
وأضاف أن “المجتمع الدولي يوجه إصبع الاتهام إلى إسرائيل. وحتى ترامب، الذي كان في البداية من المؤيدين البارزين لإسرائيل، بدأ يفقد صبره. والسياسة في الولايات المتحدة تغيرت، وفي كلا الحزبين توجد معسكرات مناهضة لإسرائيل وتتعزز قوتها. والتأييد لإسرائيل تراجع إلى حضيض تاريخي. وبدأ ترامب ينتقد إسرائيل بسبب المجاعة والمعاناة في غزة، لأن واقع الحياة في غزة لا يحتمل”.
وبحسبه، فإن “حماس هي التي أنشأت الأزمة وهي المسؤولة عنها، لكن نحن المتهمون فيها، لأن العالم يتوقع من إسرائيل، كدولة ديمقراطية، تصرفا أخلاقيا. وليس هناك خطة سياسية ولا أفق. هكذا تبدو الخسارة”.
واعتبر يدلين أن الدول الأوروبية والغربية التي أعلنت أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية “عززت حماس بدلا من أن تضعفها، وإسرائيل تقف أمام هذه السخافة السياسية بلا رد وبلا إستراتيجية”.
ودعا يدلين إلى تبني ما وصفه بأنه “الانتصار الذكي”، بادعاء أنه “سيعيد المبادرة إلى أيدي إسرائيل”، وبموجبه يتعين على إسرائيل أن “تبادر إلى إنهاء الحرب، بتأييد المجتمع الدولي، ومن خلال فرض شروط واضحة: تحرير جميع المخطوفين دفعة واحدة؛ إعادة إعمار غزة مقابل نزع سلاحها؛ تعهد أميركي ملزم يضمن حرية عمل إسرائيلية مستقبلية، وفق النموذج الذي جرت تجربته في لبنان؛ إزالة المبادرة الفرنسية – السعودية للاعتراف بدولة فلسطينية عن الأجندة الدولية. فهذه المبادرة تضع شروطا على إسرائيل فقط وتشجع حماس على تشديد مواقفها وتُبعد وقف الحرب أو عملية سياسية”.
وادعى يدلين أن “تسوية كهذه ستبقي حماس في الحكم في المدى القصير، لكنها ستؤدي إلى توافق عالمي شامل لأوروبا والولايات المتحدة على أن حماس ليست جزءا من الحكم في غزة في المستقبل. ومن يدعي أن الردع الإسرائيلي سيتضرر، فلينظر إلى السماء وسيراها في السحب بعد ما فعلناه لحزب الله وإيران. ومن يتخوف من أننا لن نتمكن من العودة إلى الحرب، فلينظر إلى الشمال وسيرى كيف أن الجيش الإسرائيلي مستمر في العمل ضد حزب الله رغم وقف إطلاق النار على أساس موافقة وتعهد أميركي. وما حصلنا عليه من بايدن سيكون الحصول عليه من ترامب أسهل”.
وتابع أن الحكومة الإسرائيلية الحالية “فشلت في تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها لنفسها. وهي تتبع عمليا سياسة تعزز الرواية والغايات الفلسطينية، وتدفع إسرائيل إلى انهيار سياسي، وتدفع العالم إلى تأييد دولة فلسطينية”.