قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة: إنَّ ميلاد النبي كان حدثًا مفصليًّا غيَّر وجه التاريخ، وإنَّ احتفالنا بالمولد النبوي هو استدعاءٌ لقيمةٍ عظمى أسَّسها النبي في واقع الحياة، وجعلها أساس رسالته؛ وهي الرحمة الشاملة التي أحيا بها القلوب، وبنى بها حضارةً إنسانيةً راشدة.
وأضاف الدكتور الجندي خلال كلمته في الأمسية الدِّينيَّة التي نظَّمها الجامع الأزهر مساء اليوم؛ احتفاءً بذِكرى مولد النبي أنَّ المتأمِّل في السيرة النبويَّة يُدرِك أنَّ النبي الكريم كان رحمةً مهداةً، وعطاءً ممتدًّا؛ فقد جسَّد في كلِّ أقواله وأفعاله نموذجًا فريدًا في التعامل مع الإنسان، فكان سندًا للضعفاء، ونصيرًا للمظلومين، وباذلًا جهدَه في خدمة الناس، وأنَّ غاية عظمتِه أنَّه لم يَحصر رحمته في دائرة بعينها؛ بل وسِعتِ الجميع؛ صَديقًا كان أو عدوًّا، قريبًا أو بعيدًا؛ ليؤكِّد أنَّ رسالته موجَّهةٌ إلى الناس كافَّة، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إلى أنَّ رحمة النبي ﷺ امتدَّت لتشمل الحيوان؛ فقد نهى عن إيذاء الحيوان أو تحميله فوق طاقته، وأخبر أنَّ امرأةً دخلتِ النار في قطَّة حبستها، بينما غُفِر لرجل سقى كلبًا يأكل الثَّرى مِنَ العطش، كما شملتْ رحمتُه ﷺ الجماد، لافتًا إلى موقف جِذْع النَّخلة الذي حنَّ إلى النبي ﷺ، في مشهدٍ يكشف عن عُمق العَلاقة بين النبي ﷺ والكون بأسْره.
واختتم فضيلتُه بتأكيد أنَّ الأمَّة اليوم في أمسِّ الحاجة إلى استحضار هذه القيمة الجامعة؛ قيمةِ الرحمة التي تُعيد للقلوب إنسانيَّتَها، وللمجتمعات استقرارَها، وللعالَم توازنَه، مشيرًا إلى أنَّ تجديد العهد مع النبي ﷺ في ذِكرى مولده الشريف يكون بالاقتداء العملي برسالته في الرحمة ونَشْرها؛ حتى تبقى الأمَّة وفيَّةً لدَورها الحضاري الذي أراده الله تعالى لها.