موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

«سلام لغزة»: فضاء للإبداع…

0 0

«سلام لغزة»: فضاء للإبداع…

2025 Feb,06

حالفني الحظ في حضور بعض فعاليات الدورة الثالثة من صالون فلسطين الثقافي تحت شعار: «سلام لغزة»، التي أقيمت في مقر المركز الثقافي الفلسطيني بالسفارة، وكذلك في بعض قاعات الندوات في أرض المعارض بالقاهرة في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، وبرعاية المستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية الشاب المبدع ناجي الناجي.

هالني الحرص على الحضور الباهي والمميز لمثقفي فلسطين سواء من حضروا من الضفة الغربية أو ممن خرجوا من غزة إبان الحرب الطاحنة وحيث لاذوا بحقهم في النجاة لكنهم لم ينفصلوا لو لدقيقة واحدة عما يجري من أحداث في القطاع، وحيث كان تواصلهم مستمرا وجهدهم بارزا، فيما كانت هناك مجموعة مثقفين وأدباء وفنانين مقيمين في مصر منذ سنوات. تم تقديم عدة ندوات أدبية حول ما قدمه أدباء من غزة خلال المقتلة التي أودت بحياة ما قارب من ثمانية وثمانين مبدعا في مجال الأدب في القطاع، ومن بينهم على سبيل المثال وليس الحصر الشاعر سليم النفار والكاتبة الشابة هبة أبو الندى، وحيث إن خسارة المجال الثقافي الفلسطيني في هذه الحرب فادحة فهناك خسارات في مجالات أخرى من الصحافيين والمصورين الذين كانوا ينقلون الخبر والصورة لحظة بلحظة من غزة ورغم مشقة وصعوبة التواصل مع العالم الخارجي.
في رفح مثلا، كنت أجد صعوبة في الحصول على شبكة إنترنت وحيث تصادف أن انقطع عن العالم عدة أيام بسبب قصف عدة نقاط لشبكات الإنترنت وصعوبة وصول الطواقم لإصلاحها وحيث تعرضوا اكثر من مرة للقصف وقدّموا حياتهم أثناء محاولتهم إصلاح خطوط الشبكة لعلمهم أن شبكة الإنترنت هي وسيلة تواصل السجناء والمحاصرين في غزة مع العالم الخارجي وحيث يبلغ القلق والخوف مبلغه على أحبتهم ومتابعيهم حين ينقطع التواصل معهم.
كنت أسير مسافات طويلة وأنا احمل هاتفي الذكي بيدي حتى استطيع التقاط شبكة إنترنت وقد كنت اصل إلى الحدود المصرية ولم يكن يفصلني عنها سوى أمتار قليلة ومع صعوبة الوصول إلى شبكة فعالة كنت التقط بعض الرسائل بعد فترة طويلة من الانتظار والوقوف على قدمي ومثلي العشرات فيما يستغرق إرسال رسالة من كلمتين وقتا أطول وفيما يتجمع الناس في تجمعات صغيرة يكون القصف والموت حولنا وكثيرا ما تعرضت هذه التجمعات للقصف لحرمانهم من ابسط حقوقهم وهو التواصل مع أحبتهم، وفيما كنت أجاهد لأكتب بضع كلمات على حائطي في موقع «فيسبوك» لكي يطمئن المتابعون والأصدقاء من جهة ولكي لا أتوقف عن توثيق المقتلة وذلك لأن احد الكتاب الأصدقاء قد قال لي في بداية الحرب، اكتبي ولو على ورقة جريدة أو ورق الشجر فالمحرقة التي لا توثق كأنها لم تكن.
في اللقاء الثقافي المعنون «سلام لغزة» قرأنا أشعارا ونصوصا سردية قصيرة لنا ولرفاقنا وزملائنا في غزة وكان الشعور الطاغي في تلك الدقائق أننا حاضرون وأننا معا رغم المسافات وان الكلمة هي البداية وهي التي تنتصر في النهاية.
لفتتني كلمات الشاعر الشاب حيدر الغزالي الذي يبشر بمستقبل واعد في عالم الشعر والنثر على حد سواء، والذي لم يتوقف عن الكتابة عن الحب حتى في زمن الحرب ولم يكفّ عن بث الأمل لنا، وقرأنا كلمات موجعة في الرثاء للشاعر شجاع الصفدي، وقرأت الشاعرة المميزة إيمان زياد شعرا للشاعر العالق تحت ركام الكره والحقد سليم النفار الذي لم تنتشل بقاياه مع أفراد عائلته من تحت ركام منازلهم حتى اليوم.
رائع ومبهج ذلك العرس الثقافي الذي شهدته بجهود حثيثة ومستمرة وعلى وعد بالاستمرار وذلك في قلب القاهرة عاصمة مصر حاضنة الأمة العربية وحيث إنك تشعر فعلا أن لا شيء يستطيع أن ينهي القضية الفلسطينية طالما أن البلاد ما زالت تلد المبدعين والمبدعات وطالما كان هناك الحرص على إبراز هذا الإبداع.

اضف تعليق