معاريف بقلم إيهود ياتوم

“مساء الخير أيها اليأس، وليلة سعيدة أيها الأمل”، كتب يهودا بوليكر ويعقوب جلعاد. كم كانا محقين! فاليأس ليس النصيب الحصري لعائلات المخطوفين الأحياء الذين لا يزال يذوون في أنفاق حماس والجهاد الإسلامي، ولا من نصيب العائلات الثكلى وعائلات الجنود الذين يقاتلون في الجبهات الكثيرة. ها هو اليأس من نصيب المصابين جسدياً ونفسياً مع أبناء عائلاتهم، ومن نصيب مواطني إسرائيل، الذين يشاهدون خطوات حكومة القصور دون فهم ما يجري.

حكومة تعنى بتشريع قانون لإعفاء عشرات آلاف الشباب الحريديم من خدمة أمنية ووطنية، رغم واجبهم في حمل العبء والمساهمة في أمن الدولة وتثبيتها. يصعب فهم رفض زعماء الحريديم التوراتيين والسياسيين لعظمة اللحظة، الضائقة الخطيرة التي تعيشها الدولة في كل ما يتعلق بنقص حرج في الجنود وبمخاطر أمنية تهدد استقلالنا من كل حدب وصوب.

لا أفهم حكومة إسرائيل، ولا من يقف على رأسها، الذي يحاول المضي بقانون غير أخلاقي، غير وطني وغير قيمي كهذا. لا أفلح في فهم أعضاء الحكومة والكنيست الذين يعطون اليد لسن هذا القانون الفاسد.

حكومتنا في هذه الأيام الصعبة لا يشغلها سوى ذلك القانون رغم أن الجيش يخوض حرباً زائدة وبلا غاية ضد عدو ينتهج قتال حرب العصابات ويقتل الجنود. أليس واضحاً للمستوى السياسي أن الإرهاب وحرب العصابات لا يهزمان بوسائل عسكرية؟ الجيش الإسرائيلي أيضاً، الذي هو من أفضل الجيوش في العالم، لا يمكنه الانتصار على عدو مرير ووحشي يستخدم حرب العصابات ضدنا.

لا أسلم بحقيقة أنه بعد عشرين شهراً لا تزال الحرب تراوح في الوحل الغزي، ويبعثون بجنودنا إلى حرب زائدة نتائجها السلبية معروفة مسبقاً. وكأنه لا جنود يسقطون ويصابون كل يوم، وكأنه لا جنود ينتحرون، وكأننا أعدنا نازحين من جنوب البلاد وشمالها إلى بيوت جديدة ومرممة.

بدلاً من هذا، تواصل الحكومة الانقلاب النظامي وتعنى بجنون مطلق بعملية إقالة المستشارة القانونية للحكومة، بعد أن أدت إلى استقالة رئيس جهاز الأمن العام روني بار.

أعضاء الحكومة يصرخون، يهينون ويشكون من الفريق إيال زامير، ويصعبون عليه إدارة الجيش والحرب. ادعاءاتهم بلا أساس، وتنبع من انعدام فهم يؤدي بالدولة إلى منحدر سلس وخطير.

كيف يشعر جنود النظامي؟ كيف يشعر رجال الاحتياط الذين يخدمون لمئات الأيام، بعد أن فقدوا مصدر الرزق، وتضرر تعليمهم، وتنهار عائلاتهم؟ كيف نشرح هذه الخطوات التي تقوم بها الحكومة لناس نزهاء وعقلانيين؟ لأسفي، لا أجوبة.

لا جواب بخصوص كيف لم تقم لجنة تحقيق رسمية حتى الآن، وكيف حصل أن أخذ قادة جهاز الأمن مسؤولية كاملة عن إخفاقات واستقالوا من مناصبهم، وليس أي من رؤساء الدولة. للجيش و”الشاباك” مدراء ملزمون بتحمل المسؤولية عن إخفاقات مرؤوسيهم والتصرف باستقامة، بنزاهة، بقدوة شخصية، بقيمية وأخلاق. المستوى السياسي لم يستخلص الاستنتاجات، ولم يأخذ المسؤولية ولم يفرض على نفسه الاعتزال. على رئيس الوزراء الآن أن يأخذ القرار، فيما هو يقف على رأس حكومة أقلية ضعيفة وعديمة الوسيلة، وأن يوقف الحرب فوراً، ويسحب قواتنا إلى حدودهم ويعيد 50 مخطوفاً دفعة واحدة مقابل كل ما يتطلب في المفاوضات، من خلال الدول الوسيطة، حتى وإن كان الحديث يدور عن الكل مقابل الكل.

لا ثمن لإعادة المخطوفين الذين تركتهم الدولة لمصيرهم وخطفوا من بيوتهم. 

شاركها.