عـن لـقـاء فـلـوريـدا ..نبيل عمرو

 

لم يكن متوقعاً سماع غير الذي سمعناه من الرئيس ترامب، فالرجل الذي ينشد نجاحاً في ملف غزة يدرك أن مفتاح النجاح بيد نتنياهو، ولو أنه شتّت الكرة على «حماس» وإيران!
لقاء فلوريدا وحتى الآن، ليس بحوزتنا معلومات حول ما جرى وسيجري في الغرف المغلقة، ذلك أن ما صدر من تصريحاتٍ علنيةٍ اقتصر على العناوين، حيث الرئيس ترامب يُعلن نجاحاً لمجرد مواصلة الجهود، دون أن يأتي بقرينة محددة تنم عن تقدمٍ في الملفات المطروحة على البحث، والمفترض أنها تهيّئ فعلاً لإمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية.
لا تغيير في لغة ترامب، ورغم الاختلافات التي يتحدث عنها مساعدوه، إلا أنه يتجنب بصورةٍ ملحوظةٍ أيّ قولٍ أو فعلٍ يشي باستعداده للضغط المباشر على نتنياهو، إذ لا يزال يفضّل إقناعه بإبداء المرونة تجاه بعض الملفات بما يوفّر لترامب بعض صدقيةٍ لجهوده، وتقدماً ملموساً في تذليل الصعوبات التي تعترض مبادرته، خصوصاً في الملف الأول على جدول أعمال محادثاته مع نتنياهو، وهو الملف الغزي.
قلنا: إن التصريحات الترحيبية، والمجاملات التي تنطوي على نفاقٍ متبادل، لا تصلح كأساسٍ لتقويمٍ موضوعيٍ لما يحدث في فلوريدا، ما يحتم الانتظار لرؤية المحصلة النهائية للقاء، ساعتها سيكون تقويم الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك هو الأكثر دقة، فهم لا يقيّمون مواقفهم وسياساتهم على التصريحات الإعلامية، بل لا بد وأن يعرفوا من المصدر الأميركي الشريك ما الذي أفضت إليه المحادثات مع نتنياهو؟ وهل تضمنت تقدماً يصلح للبناء عليه؟
في التصريحات العلنية تحدث الرئيس ترامب عن الوضع في الضفة، وهو كالعادة مقلٌّ في ذلك، وأشار إلى خلافٍ بينه وبين نتنياهو حول هذا الأمر، وفُهم من أقواله أن الإدارة حريصةٌ على ألا يتمادى نتنياهو في إجراءاته المتصاعدة في الضفة، خشية انهيار السلطة جرّاء ذلك، وكان ترامب قد أفصح سابقاً أمام العرب والمسلمين عن أنه لن يسمح بضم الضفة، ولأن مسألة الضفة هي أساس الموضوع كلّه في غزة والمنطقة، فليس المطلوب من ترامب أن يختلف فقط مع نتنياهو حول سياسته تجاهها، وأن يكتفي بتسجيل موقفٍ يبيعه لمن يشتري، بل المطلوب إذا ما أراد أن يكون رجل السلام في المنطقة، كما عيّن نفسه، أن يوقف نتنياهو عند حده، بما يتجاوز تسجيل موقفٍ معارض إلى إجباره على وقف سياسته الجراحية الخطرة في الضفة، إذ دون ذلك سيسجل نتنياهو موقف ترامب كمجرد نقطةٍ خلافيةٍ دون أن يرتدع عن سياساته المفترض أنها متعارضةٌ تماماً مع شروط نجاح ترامب ومبادرته ورئاسته لمجلس السلام المفترض.
على كل حال.. هذه قراءةٌ أوليةٌ لما وشت به حفلة فلوريدا، وسوف يكون لنا تحليلٌ أوفى عندما تتبلور النتائج النهائية للقاء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تقويم الوسطاء بالنسبة لنا هو الأهم.

شاركها.