وأنا أتابع كغيري من مواطني هذه الأمة لاستضافة الكنيست للرئيس الأمريكي ترامب، لاحظت كغيري من المهتمين بالشأن الفلسطيني، أنني أمام مهرجان خطابي شعوبي طغت عليه الروايات السردية التاريخية الخرافية، حتى في خطاب لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية …. وتيقنت أن اسرائيل دخلت زمن مأزقها التاريخي الحتمي بعد أن أوشكت الصفحة القتالية التدميرية لغزة على الانتهاء، بفعل عوامل متداخلة وكثيرة واضحة لكل متابع محايد أو منحاز، رغم أن احتمالات استئنافها، ما زالت قائمة لأسباب عديدة وفي مقدمتها العوامل الداخلية الإسرائيلية التي تتحكم في المشهد.
وانتقلنا لمتابعة مؤتمر شرم الشيخ الذي كان أشبه بمهرجان استعراضي لنيل رضا العم ترامب وبركاته، ولأسباغ صورة صانع السلام عليه، التي يحبها ويتحدث عنها كل يوم في فلسطين وعموم العالم، والتقاط الصور التذكارية معه حتى أن أحدهم يمثل بلدا عريقا موغل في التاريخ لاحقه ليقف خلفه فتدخل موظف المراسم والتشريفات المصرية ليدفعه في مكانه المخصص لالتقاط صورة تذكارية للقادة المجتمعين، أما تعامله المهزلة مع رئيس وزراء بريطانيا فحدث ولا حرج. ورغم أن المؤتمر بثقل الدول الأوربية التي حضرته بالذات والتي شهدت تغيرات مهمة في مواقفها من القضية الفلسطينية، أكد على أضفاء السلام ووقف أطلاق النار في غزة والاحتفاء بترامب كصانع سلام ، ألا أن المؤتمرين لم يناقشوا لا من بعيد ولا من قريب أسباب أحداث 7 أكتوبر أو ما يسمى طوفان الأقصى، التي كسرت طوق النسيان وأحيت القضية الفلسطينية من جديد ، من أجل علاجها ولم يبحث المؤتمر لماذا انفجرت غزة ولماذا صمد شعبها رغم كل الدمار حتى أفشل بصموده مخطط التهجير ، ولماذا تستمر فلسطين جرح نازف ينفجر كل حين بفعل الظلم الذي يتعرض له شعب فلسطين منذ عام 1948 لليوم ،فقط كلمة الرئيس السيسي تحدث الرجل فيها بوضوح عن حق تقرير المصير وأقامه الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
أن مؤتمرا بحجم هذا الحضور وثقله ، كان من المؤمل أن يخرج بإعلان واضح من الرئيس ترامب المحتفى به كصانع سلام عن جدول زمني محدد وملزم لحل الدولتين المجمع عليه من السواد الأعظم من دول العالم بعد أن أرتفع عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين اعترفوا بفلسطين كدولة ذات سيادة ، وليست مجرد عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة الى 157 لحد تاريخ 25 أيلول سبتمبر الماضي ، بفعل صمود غزة الأسطوري والدماء الزكية التي أريقت من أجل حقوق شعب فلسطين ، ولا شك أن صمود غزة صنع تحولا عظيما في الرأي العام الدولي لصالح القضية الفلسطينية خصوصا في أوربا والولايات المتحدة وكندا وعموم قارة أمريكا الجنوبية .
كلنا أمل اليوم أن يحل السلام العادل على ربوع فلسطين وشعوب المنطقة والعالم .
كاتب وسفير عراقي سابق