تسنيم الريدي
وفقاً لإحصاءات وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية للعام 2023 يبلغ عدد المسنين 6% من إجمالي سكان فلسطين، 71% منهم يعانون الأمراض المزمنة، و32% يعانون شكلاً من أشكال الإعاقة
يعاني المسنون في غزة تحديات تؤثر في حياتهم اليومية، أبرزها التراجع في الصحة كضعف النظر والسمع ومشاكل المفاصل، وأمراض كالضغط والسكري وأمراض القلب، والمشكلات النفسية والاجتماعية والشعور بالوحدة والخوف، وضعف الدعم المادي وعدم توفر الرعاية هذه الظروف تجعل المسنين في حاجة ماسّة إلى اهتمام خاص حيث أدى الحصار إلى نقص حاد في الأدويةوالمستلزمات الطبية، مما يزيد من معاناتهم الصحية.
للمسنين في مخيمات الإيواء والنازحين حق معلوم!
تواصلنا مع د.عبد الوهاب علاونة المدير الأقليمي والذي يوضح أن لايف للإغاثة والتنمية Life For Relief and Development رغم مسئولياتها العديدة وضعت برامجاً عملية وفعالة، حيث يقول: ” المسنون في غزة يعيشون في خيام مؤقتة أو مدارس مكتظة أو في العراء، مما يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة، كما تواجه الأسر صعوبةفي تأمين الغذاء، حيث ارتفعت أسعار المواد الأساسية بشكل كبير، سبب النزوح وفقدان الأحباء في زيادة حالات الاكتئاب والقلق بينكبار السن، مما يؤثر على صحتهم النفسية.
لذلك نعمل على توفير الأدوية الأساسية، وتقديم فحوصات طبيةوخدمات علاج مستمر في مخيمات لايف، كما نعمل على تأمينوجبات غذائية متوازنة بشكل دوري، ونوفر الملابس والأغطية خاصةفي فصل الشتاء، بالإضافة لتقديم مساعدات مالية لتغطيةاحتياجات الحياة اليومية لكبار السن الذين يعولون الأيتام خاصة.
ولم نغفل عن الجوانب النفسية والاجتماعية من خلال تنظيم أنشطةوبرامج استماع وجلسات دعم نفسي تساعدهم على الاندماجوالتخفيف من شعور الوحدة والعزلة، ودور المؤسسات هو سدالفجوات التي قد تعجز الأسر أو الحكومات عن تغطيتها لهذه الفئة”.
وتتفق معه نور سوالمة مدير مكتب “لايف” فلسطين بأن جهودهم على الأرض هو بمثابة خلال تسليط الضوء على الدورالحقيقي للمنظمات الإنسانية مضيفة: ” من خلال مشروعنا الأخير في بيت لحم وبين ساحور وبيت جالا عملنا على دعم كبار السنالذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة، لكنهم قد يكونوا عزيزي النفسفلا يطلبون العون رغم أنهم الفئة الأكثر ضعفاً خاصة أصحابالإعاقات.
وفي غزة نعمل على تقديم المساعدات الإغاثية والطبية ومستلزمات المواسم في مخيمات النزوح للأسر الأكثر تضرراً والتي غالباً ما تحوي كبار السن والذين يعانون الأمراض المزمنة، أو فقد الأبناء خلال الحرب، فأصبحوا فجأة مسئولين عن أيتام رغم أنهم أصلاُ بحاجة لمن يتحمل مسئوليتهم!
الرعاية الصحية والنفسية على قائمة الأولويات
وعن أنشطة “لايف” حول العالم تضيف فيكي روب مدير البرامجالوطنية والدولية بالمؤسسة: ” وفقاً لتقارير صندوق الأممالمتحدة للسكان يبلغ نسبة كبار السن (60 سنة وما فوق) حوالي8٪ من سكان العالم اليوم، وفي العالم العربي يُتوقَّع أن يرتفع منحوالي 27 مليون شخص عام 2015 إلى 50 مليون في 2030، ثمإلى أكثر من 80 مليون بحلول عام 2045 ، كما أن بعض الدولالعربية ستكون فيها نسبة كبار السن أعلى من نسبة الأطفال (تحت15 سنة) بحلول منتصف القرن، مثل لبنان، ودول الخليج وبعضدول المغرب العربي.
ومن خلال برامج “لايف” في 60 دولة حول العالم عملنا فيها خلال 34 عاماً مضى نعمل على وضع المسنين ضمن قائمة أولوياتنا من خلال معظم برامجنا سواء في الإغاثات العاجلة، ورعاية اللاجئين أو البرامج المستدامة وتطوير المجتمعات، كالمشروعات الطبية وتوفير المياه النظيفة، والمشروعات الموسمية، وبرامج الدعم الأسري وحتى مشروعات الكفالات والتعليم كما سنوضح.
كما نعمل على دعم كبار السن الأكثر احتياجاً في دور المسنين منمختلف الديانات، حيث يسعدون بالجلسات الحوارية والاستفادة منخبراتهم وحكاياتهم التي تشكل رصيداً إنسانياً غنياً، بجانب تقديم الوجبات الغذائية المفيدة والهدايا الرمزية المفيدة، كما يعمل فريق المتطوعين لدينا على دراسة احتياجات هذه الفئة، كالاحتياج لورش لتعليم أساسيات التكنولوجيا للتواصل مع العائلة، وأنشطةتعليمية وهوايات ترفيهية تناسب قدراتهم، وبرامج لدمج خبراتهموحكمتهم في خدمة المجتمع.
استغاثة صامته … لاحتياجات عاجلة
وقد عبر العديد من كبار السن عن مشاعرهم خلال هذا المرحلة واحتياجاتهم التي قد لا يفصحون عنها بشكل مباشر حيث يقول أبو ناصر 71 عاماً من غزة قائلاً: “لم ترحم الحرب هرمي، فوجدت نفسي مسئولاً عن 6 أطفال بعد وفاة ابني وزوجته، وتوفير السلال الغذائية وأدوات العناية الشخصية والمياه حفظ قلبي من الخوف المستمر لأن يخرج حفيدي الطفل للمخاطر ليعولنا جميعاَ، كما كان لتوفير “الحمامات” راحة كبيرة لي ولزوجتي في مخيمنا”.
ويتفق معه سيمون 65 عاماً من لبنان: “قضاء الحاجة بشكل كريم كانت أكبر معاناتي، فمع توفير الاحتياجات الطبية تيسر على ذلك ولم أعد في خجل مستمر ممن حولي”.
ومن أفغانستان كانت فاطمة 73 عاماً قد خرجت من تحت أنقاض الفيضانات حيث تقول: “كنت في هلع شديد ولا أقوى على الحركة ولا الكلام، وفرت لنا لايف أماكن الإيواء الكريم، كما عملت على توفير الرعاية الطبية نظراً لما تعرضنا له”.
وتضيف عائشة جول من تركيا 67 عاماً: “عقب زلزال كهرمان مرعش وجدنا أنفسنا في العراء نواجه الخوف وبرد الشتاء القارس، تعقبتنا “لايف” بعد النزوح وتكفلت بكل ما نحتاج بداية من الإيواء ومرروا بالأدوية والملابس والسلال الغذائية، وتابعت شئوننا حتى استقر وضعنا”.
وقد نجى أبو عامر 78 عاماً من التجمد برداً في مخيمات الشمال السوري قائلاً: “دعمتني “لايف” بتوفير بيت في قريتهم السكنية حيث عانيت بسبب شتاء الخيام لسنوات طويلة، وأصبحت الآن في أمان”.
خوف وقهر … واحتياج للأمان
ويتفق معه الحاج إدريس من المغرب 63عاماً قائلاً:” لا أنسى محاولات رجال الإغاثة من “لايف” تخفيف عبء الخوف والقهر عقب الزلزال، زارونا في المخيمات ووفروا لنا كل ما نحتاج”.
ومن السودان كانت إيمان 59 عاماً تصارع الموت مع ابنتها الحامل وأطفالها في العراء: “هربنا من الحرب لنواجه قطاع الطرق حتى وصلنا مصر آمنين، فتولتنا “لايف” بالإيواء وإمدادنا بالطعام والأدوية، والكشوفات الطبية لي ولابنتي”.
لكن أبو محمود 54 عاماً من الأردن كانت له معاناة أخرى قائلاً ” انضمامي الجديد لدار المسنين جعلني أعاني من الصمت القاتل، أسعدني فريق المتطوعين بحديثهم الممتع وأدبهم الجم في فن الاستماع لكبار السن وعدم مقاطعتهم”.
وفي الدومينيكان جلس الجد ” بيدرو” 71 عاماً وعينه تبرق بلمعان المياه العذبة وهو يرى أحفاده في سعادة لأن “لايف” عملت على إعادة تأهيل مدرستهم، والتي أعادتهم لصفوفهم الدراسية مجدداً، ووفرت عليه التواصل مع المتبرعين لاستجداء عطفهم بالمال لأجل أيتامه”.
وبنفس المشاعر كانت جميلة 70 عاماً من اليمن والتي كست ملامحها تعب الدهر كله سعيدة بالإغاثات العاجلة عقب فيضانات اليمن، حيث كانت هي وأمثالها على قائمة الأولويات، مما أضفى عليها شعوراً بالراحة والعدل.
وفي سيراليون كانت مشاعر الامتنان تغطي ابتسامة فاطوماتا 58 عاماً وهي في سريرها بالمشفى وقد فوجئت بفريق “لايف” يوزع الطعام المدعم بالفيتامينات لكبار السن ممزوجاً بكلمات الدعم وروح الحب والتضامن”.