إذا بقيت أوضاعنا الفلسطينية من انقسام وصراعات داخلية، والعربية من تباين المواقف وتعدد المحاور والتبعية للخارج، وحتى الموقف الرسمي الدولي وخضوعه للهيمنة الأمريكية، على حالها، فإن من سيحدد راهناً وفي المدى القريب مستقبل قطاع غزة من حيث جغرافيته وديموغرافيته وإدارته وعلاقته بالسلطة في رام الله، أيضاً مستقبل الضفة الغربية والدولة الفلسطينية المنشودة، ليس القرار الوطني ولا الإرادة الوطنية المشتركة المفتقدة ولا المقاومة المسلحة، أيضاً ليس الأمم المتحدة وقراراتها، بل الإرادة الأمريكية الإسرائيلية.

ليس في هذا القول دعوة للإحباط وفقدان الأمل أو دعوة للاستسلامأو التخلي عن حق مقاومة الاحتلال بل دعوة للتفكير العقلاني خارج صندوق الشعارات والتهويمات والهرطقات الدينية، ومواجهة الواقع بالاعتراف بأخطائنا وخصوصاً الطبقة السياسية وأحزابها، ووضع استراتيجية مقاومة وطنية عقلانية دفاعية، ليس لتحرير فلسطين الآن بل للدفاع عن الأرض والمقدسات في مواجهة المستوطنين وخصوصاًفي الضفة وتجنب كل ما يؤدي لاقتلاعهم من أرضهم أو تهجيرهم منها حتى وإن كانت أعمال مقاومة مسلحة، والدفاع عن هويتنا وثقافتنا الوطنية ووحدة الشعب في الداخل والخارج تحت عنوان واحد وتثبيت وجود الشعب على أرض فلسطين حتى في ظل وجود الاحتلال ،لأن تثبيت وجود الشعب وهو يفوق عددياً عدد اليهود هو ما سيُفشل قيام الدولة اليهودية الممتدة من البحر إلى النهر ويُفشِل المشروع الصهيوني المزعوم من النيل إلى الفرات، مع مواصلة العمل الدبلوماسي وتوظيف التحولات في الرأي العام العالمي لصالح عدالة قضيتنا الوطنية، والتحركات الشعبية في العالم العربي التي ترد على التطبيع والمطبعين وتؤكد على فشل السلام الإبراهيمي المزعوم. 

تحرير فلسطين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة يحتاج بداية لهذه الاستراتيجية الدفاعية لتثبيت الشعب على أرض فلسطين وهو شرط ضروري ومنه يمكن الانطلاق إلى استراتيجية التحرير وقيام الدولة وهي حق مشروع وثابت من ثوابتنا الوطنية وهي معركة قادمة لا محالة، ولكنها تحتاج إلى ظروف ومعطيات غير ما هو قائم الآن، بمعنى تغيير في موازين القوى على كافة المستويات أو كما هو وارد في القرآن التمكين والاعداد والأخذ بالأسباب قبل الإقدام، لأن المقاومة، وخصوصاً عندما تكون في مواجهة عدو صهيوني إرهابي بما يملك من تفوق على كافة المجالات وتحالفات دولية، حرب وليس مغامرة أو ردة فعل عاطفية.

مع التذكير بأن ما تطالب به القيادة الفلسطينية وكل الفصائل الفلسطينية الآن هو الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال. وكل من يقول إنه يملك الآن رؤية واستراتيجية وطنية أو عربية أو إسلامية أو دولية لتحرير فلسطين إنما هو مخادِع ومضَلِل.

[email protected]

شاركها.