رأى محللون إسرائيليون، أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إنهاء الحرب التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة، وضعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بين خيار إحباطها نظرا لتضمنها نقطة الانسحاب من القطاع، وتنفيذها مقابل استثمارها بالانتخابات المقبلة.

وفي مؤتمر صحفي مع نتنياهو بالعاصمة واشنطن الاثنين، استعرض ترامب، أبرز بنود خطته لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومنها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ونزع سلاح حركة “حماس”.
وأوضح ترامب أن “خطته تشمل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حماس، وتشكيل هيئة دولية إشرافية برئاسته تكون مسؤولة عن تدريب إدارة للحكم في قطاع غزة، لكنها تستبعد حركة حماس”.
ولفت إلى أنه ناقش مع نتنياهو “خطة للسلام في الشرق الأوسط بأسره، وليس فقط وقف الحرب في غزة”، على حد تعبيره.
نتنياهو قال إنه “يدعم خطة ترامب بشأن غزة”، معتبرا أنها “تحقق الأهداف الإسرائيلية من الحرب”، على حد تعبيره، وزعم أن “غزة ستحظى بإدارة مدنية سلمية، لا تديرها حماس ولا السلطة الوطنية الفلسطينية، حال تم تنفيذ خطة ترامب”.

أما القيادي في حماس حمود مرداوي، فقال في تصريح لقناة “الأقصى” التابعة للحركة إن “بنود الخطة قريبة من الرؤية الإسرائيلية، ومحتواها فضفاض وغير مضمون، وهي محاولة لوأد الزخم الدولي والاعترافات بدولة فلسطين”.
وقال إن حركته ستطلع على المقترح الأمريكي وتناقشه مع الفصائل الفلسطينية، مشددا على أن “سلاح المقاومة لم يعتد على أحد، بل هدفه الحرية والاستقلال”.
**هل يعرقلها نتنياهو؟

ad

وتساءل المحلل الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس” العبرية جوناثان ليز، في مقال الثلاثاء: “كيف يمكن لنتنياهو أن يُحبط خطة ترامب الطموحة لوقف إطلاق النار في غزة؟”.
وقال: “السؤال المحوري الآن هو ما إذا كان نتنياهو الذي عارض علنًا حتى الآن إنهاء الحرب حرصًا على استقرار حكومته، سيوافق على الانسحاب من غزة ووقف الحملة (الإبادة الإسرائيلية)”.
وأضاف المحلل: “تقول مصادر مطلعة على المفاوضات إنه منذ بدء الحرب، اتخذ نتنياهو خطوات متكررة لعرقلة المحادثات، كما طرحت إسرائيل مطالب سامة لم يكن من الممكن تلبيتها، فضلا عن أن فرق التفاوض لم تمنح صلاحيات كافية للتوصل إلى تسوية، ما أبطأ التفاهمات مع حماس”.
وتابع: “قد يتخذ نتنياهو خطوات مماثلة مرة أخرى الآن، ولكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان نتنياهو مستعدًا لمثل هذه الصفقة الدراماتيكية في هذه اللحظة”.
المحلل رجح أن يشكل “إعلان ترامب لرئيس الوزراء غطاءً سياسيًا للتحرك نحو إنهاء الحرب، وهو أمر تجنبه حتى الآن”.
وبشأن الانتخابات المرتقبة في العام المقبل، رجح ليز “أن يُثقل كاهل نتنياهو بينما يخوض حملة انتخابية في وقت لا يزال فيه الرهائن (الأسرى) في الأسر، حيث تحظى صفقة إطلاق سراحهم بدعم واسع”.
ولفت إلى أن “المحللين قدروا أنه إذا ظل الرهائن في أسر حماس خلال الحملة الانتخابية، فسيضعف نتنياهو سياسيًا، ومن المتوقع أن تبحث أحزاب اليمين المتطرف عن أسباب لتفكيك الحكومة في الأشهر المقبلة”.
وأردف ليز: “يبقى الآن أن نرى ما إذا كان ضغط البيت الأبيض على رئيس الوزراء الإسرائيلي سيفوق الضغط الذي يمارسه بالفعل وزراء اليمين المتطرف (وزير الأمن القومي إيتمار) بن غفير، و(وزير المالية) بتسلئيل سموتريتش، و(وزيرة الاستيطان) أوريت ستروك”.
**نتنياهو يواجه معضلة
بدوره، قال المحلل في صحيفة “يديعوت أحرونوت” إيتمار إيشنر: “الوعد الأكثر واقعية في الخطة هو إطلاق سراح جميع الرهائن، الأحياء منهم والأموات، وإذا قبلت حماس فهذا يعتبر إنجازًا مهمًا”.
ونقل عن مسؤول إسرائيلي، لم يسمه، قوله: “إذا أعادت الخطة جميع الرهائن، فستكون جديرة بالاهتمام حتى مع عناصرها غير المريحة”.
ومتحدثا عن عزلة إسرائيل، قال إيشنر إن “نتنياهو يواجه معضلة، فمع تزايد عزلة إسرائيل، لم يكن أمامه خيار سوى قبول خطة تدعمها الولايات المتحدة”.
وتساءل: “كيف سيصمد نتنياهو أمام الانتقادات الحادة من اليمين. إذا أُعيد الرهائن، فقد يخفف ذلك الضغط على رئيس الوزراء ويسمح له بالتحرك بسرعة نحو الانتخابات ومواجهة وزراء متشددين”.
ونقل عن مساعدين لنتنياهو، لم يسمهم، وصفهم لخطة ترامب بأنها “انقلاب استراتيجي، إذ تخرج إسرائيل من عزلتها الدبلوماسية، بينما تغرق حماس في عزلة إقليمية”، وفق قولهم.
وأضاف مساعدو نتنياهو، وفق المحلل، أن الخطة “ستضمن الإفراج المتزامن عن جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، مع السماح لإسرائيل بمواصلة العمليات العسكرية في غزة”.
**نتنياهو يدرك المأزق
أما المحللة في صحيفة “معاريف” العبرية آنا بارسكي، قالت: “يدرك نتنياهو المأزق: فالموافقة على الاتفاق في التشكيلة الحكومية الحالية، بحضور بن غفير وسموتريتش، ليست بالأمر الهيّن”.
وأشارت بارسكي، في مقال لها، إلى أن نتنياهو “لا يبدو قلقًا للغاية، فقد تحدث إليهما عدة مرات في الأيام الأخيرة، والصيغة الحالية تُلبي معظم المطالب الإسرائيلية”.
وبشأن مواقف الأحزاب المتطرفة، قالت بارسكي إنها “ليست في عجلة من أمرها لخرق القواعد، إذ تقدّر أن حماس سترفض على أي حال”.
ومتحدثة عن “سبب آخر للتفاؤل السياسي الذي يُظهره نتنياهو”، قالت: “هو يعلم أن المزاج يميل إلى إنهاء الحرب أكثر من استمرارها، كما يعتقد نتنياهو أنه بقليل من العمل والجهد، سيتمكن من تسويق نهاية الحرب على أنها إنجاز”.
وفيما يتعلق بحملة نتنياهو الانتخابية بالجولة المقبلة، رجحت المحللة أن “يُرسّخ الرواية التي يريد ترويجها للجمهور في الحملة الانتخابية القادمة، من قبيل: لقد أخرجت إسرائيل من عزلتها، وحققت اتفاقا وأعدت الرهائن”.
وبشأن الاعتذار الإسرائيلي من الدوحة، قالت المحللة إن رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن، صور بلاده كـ”خط أحمر، فبدونها، وبدون ضغط قطري على مسؤولي حماس، لن يحرك حجرا واحدا”.
والاثنين، قالت مصادر رسمية في إسرائيل وقطر، إن نتنياهو اعتذر لرئيس الوزراء القطري عن الهجوم على الدوحة الذي استهدف قادة بحماس في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وأكدت حركة حماس مرارا استعدادها للتوصل إلى صفقة جزئية أو شاملة لتبادل الأسرى، فيما يواصل نتنياهو تعنته وعدوانه على القطاع، وسط اتهامات المعارضة الإسرائيلية وأهالي الأسرى له بمواصلة الحرب للحفاظ على منصبه السياسي.
منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل – بدعم أمريكي – إبادة جماعية بغزة، خلّفت 66 ألفا و55 شهيدا و168 ألفا و346 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت (حتى 20 سبتمبر الجاري) أرواح 453 بينهم 150 طفلا.

شاركها.