بينما تواصل إسرائيل تكثيف ضغوطها الميدانية على سكان قطاع غزة المحاصر، في محاولة لدفعهم نحو الجنوب المحاذي للحدود المصرية، تتعرض القاهرة لضغوط سياسية واقتصادية متزايدة من أطراف غربية لقبول خطط تهجير سكان القطاع إلى الأراضي المصرية، بعد تعثر محاولات تل أبيب في إقناع دول أخرى باستقبالهم أو دفعهم إلى الهجرة الطوعية.
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ”العربي الجديد”، اليوم الأربعاء، أنّ القاهرة تلقت خلال الأيام الماضية عرضاً غربياً يتضمن “حزمة اقتصادية ضخمة” تشمل منحاً أوروبية غير مستردة، مع إمكانية تعزيزها باستثمارات خليجية، عبر التزام أميركي بإقناع أنظمة خليجية بالدخول على خط التمويل.
وبحسب أحد المصادر، فإن الرد المصري جاء “قاطعاً برفض العرض”، انطلاقاً من الموقف الثابت الرافض لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم. وأكد أن القاهرة أوضحت لمسؤولين أوروبيين اجتمعت بهم الأسبوع الماضي، استعدادها الكامل للتعاون بشأن أي حلول تضمن بقاء سكان القطاع في أراضيهم، عبر خطط عاجلة لإعادة الإعمار، ورؤى أمنية تمنع تحول غزة إلى مصدر تهديد لإسرائيل.
وأوضح المصدر أن وزير الخارجية بدر عبد العاطي، شدد خلال لقاءاته الأخيرة مع مسؤولين أوروبيين في القاهرة، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، خلال اليومين الماضيين، على ضرورة ترجمة الاعترافات الغربية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، إلى خطوات عملية تسرّع من وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وتضع حداً لمشاريع الضم في الضفة الغربية. وكشف أن القاهرة أجرت اتصالات مع دولتين، إحداهما أفريقية والأخرى آسيوية، لحثهما على رفض عروض إسرائيلية تستهدف توفير “وطن بديل” للفلسطينيين.
وأضاف أنّ تصاعد الضغوط على مصر يعكس إدراك الحكومة الإسرائيلية الحالية لصعوبة تنفيذ سيناريو التهجير خارج القطاع، إن بحراً أو عبر دول ثالثة، واصفاً هذه التصورات بأنها “مستحيلة عملياً وغير قابلة للتنفيذ”. من جانبه، أكد دبلوماسي أوروبي في القاهرة شارك في نقاشات حول المقترح، أنّ العرض الغربي هدفه “تقديم حل عاجل لإنقاذ أرواح الفلسطينيين”، في ظل استمرار العمليات العسكرية من دون أفق واضح لإنهاء الحرب، مشيراً إلى أن انتقال الفلسطينيين إلى مصر كان يُطرح على أنه حل “مؤقت”، لتقليص الذرائع الإسرائيلية المتعلقة بالقضاء على المقاومة، ولضمان ألا يشكّل القطاع تهديداً لأمن المنطقة في المستقبل.
وأُكِّد الموقف المصري الرافض للتهجير مراراً في تصريحات القيادة السياسية المصرية، كان آخرها السبت الماضي، خلال مؤتمر صحافي مشترك للرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره السنغافوري ثارمان شانموجار أتنام، في قصر الاتحادية، إذ قال السيسي إن “تهجير الشعب الفلسطيني وترحيله ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، مشدداً على أن “الموقف المصري بشأن تهجير الفلسطينيين ثابت، سواء بقيت في مكاني أو لم أبقَ”.