موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

من جديد .. محاولة صفقة والآفاق …! الكاتب: أكرم عطا الله

0 0

من المبكر تقييم النتائج فالمعارك لم تتوقف كلياً بعد ولكن لعام وشهرين من عالم وقف على أطراف أصابعه خوفاً من حرب إقليمية كبرى هبوطاً نحو العودة لحصرها في غزة التي أعلن الجيش الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر أنها تحولت إلى منطقة قتال ثانوية يمكن أن تشي بشكل النهايات التي تركتها تداعيات السابع من أكتوبر.
هناك شبه توقف لمحور المقاومة عن إسناد غزة، فحزب الله بعد تلقيه تلك الضربات الصعبة ذهب لاتفاق وقف إطلاق النار وتلاشى صوت الحوثيين قياساً بالأسابيع والأشهر الماضية، وكفت إيران عن التهديد وجبهة العراق تكاد تكون سكتت بلا صوت وبدت حركة حماس تقف وحدها في معركة عسكرية لم تستطع الصمود فيها أمام ما تملكه إسرائيل من وحشية وسلاح.
بعد اتفاق لبنان فقد حزب الله قوة الردع التي كان يمتلكها ضد إسرائيل وانتهت خشية دوائر الأمن من آلاف الصواريخ والمسيرات وتدمير المدن والمواقع الإستراتيجية، تلك واحدة من أبرز خسارات المحور بعد خسارة فكرة هزيمة إسرائيل بالعمل المسلح والتي ستترك تداعياتها على نظرية «السلاح بلا سياسة» وروح الفكرة والقوة الحاملة لها وخصوصاً حركة حماس التي جاءت في لحظة فلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو لتعبئة فراغ الصدام الذي خلفته منظمة التحرير دون الإدراك أن المنظمة كانت قد وصلت لتلك النتيجة بعد تجربة الواقع التي فرضت وقائعها ودروس السياسة.
في الأشهر الأربعة الأخيرة وبكل الدعم الأميركي كانت إسرائيل تحقق ما لم تحققه خلال أشهر الحرب السابقة، فمنذ نهاية تموز الماضي كانت تغتال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والأمين العام لحزب الله والرئيس الثاني لحركة حماس قائد الطوفان وضربات تكنولوجية صعبة بحق نشطاء الحزب وتمكنت من الوصول للقيادة العسكرية للحزب مع الضغط عسكرياً على إيران والضغط بالمدنيين في غزة ولبنان كأنها كانت تستعيد قوتها فيما كان المحور ينزف من أوراق قوته.
وفي ذروة تحقيق إسرائيل تلك النجاحات كانت أميركا تنتخب رئيساً يتخذ موقفاً شديد العداء من إيران وقريباً لإسرائيل ما ولّد مُناخات ضاغطة على كل أطراف المحور ولم يكن هدوء الحوثيين واتفاق لبنان بخروج حزب الله من جبهة المساندة وهي الجبهة الاهم سوى وليد تلك المُناخات والتي لا بد أن ترخي بظلالها على غزة.
منذ تموز الماضي توقفت محاولات عقد صفقة تبادل أسرى ووقف القتال في غزة بعد أن تمكن رئيس وزراء إسرائيل من إفشالها مراراً والآن عاد الحديث مجدداً عن صفقة أو مفاوضات جديدة تعتقد إسرائيل أن هذه اللحظة أكثر مناسبة لها، فبين توقف المفاوضات ومحاولة إحيائها جرت مياه كثيرة في نهر الحرب الذي يتدفق حمماً فقدت خلالها حماس رئيسَي مكتب سياسي كرمزين كبيرين وقامت إسرائيل بتنفيذ جزء كبير من خطة الجنرالات بإخلاء الشمال وتعمدت تجويع الشمال والجنوب لتشكل ضغطاً مدنياً على الحركة وأطلقت العصابات وقطاع الطرق ووفرت لهم الحماية، ومع الضغط الداخلي المنظم بدقة والضغط الخارجي بفصل غزة عن لبنان وإنهاء وحدة الساحات والضغط على الدولة الحاضنة لقيادات الحركة وإشارات الخروج من الدوحة، باتت إسرائيل تعتقد أن حركة حماس أكثر ضَعفاً وأنها الآن أكثر مؤهلة لتقديم تنازلات أكثر ومن هنا تأتي محاولات الاستكشاف الجديدة التي يتوقف نجاحها وفقاً لفهم إسرائيل على حجم التنازلات التي ستقدمها حماس بعد المُناخات التي صنعتها تل أبيب.  
هل ستنجح المفاوضات وتتوقف الحرب؟ تصريحات الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب التي طالبت بوقف الحرب واحدة من العوامل المساندة وهو ما استشعرته إيران التي ساهمت بلا شك بتهدئة جبهة الشمال وإلى حد كبير باقي الجبهات، لكن ترامب لن يقبل بأقل من نهاية حرب تنتصر فيها إسرائيل بشكل مطلق، فإسرائيل التي أفشلت كل المحاولات كانت تبحث عن صفقة مجانية تسلم فيها حركة حماس الأسرى بلا ثمن أو بثمن شكلي ولكن لا توقف فيها الحرب، فنتنياهو لا يستطيع العودة للإسرائيليين باتفاق يُبقي حماس تحكم غزة وهو ما لم تدركه الحركة ما منع وقف الحرب خلال العام الماضي وهو أيضاً ما يجعل الأميركي يكرر استخدام الفيتو في مجلس الأمن أمام أي محاولة لوقفها.
هل تنازلت حماس عن شرط وقف الحرب كما تسرب أوساط إسرائيلية؟ هل كان تقدير إسرائيل لواقع التغيرات التي حدثت في الأشهر الأربعة الأخيرة في مكانها بأن الحركة فقدت الكثير من أوراقها وأنها جاهزة لصفقة بأقل الشروط ؟ هكذا تقيس إسرائيل الأمر وإذا كان كذلك قد نقترب من اتفاق، أما إذا كان تقديرها خاطئاً فلسنا أمام نهاية قريبة لأن إسرائيل لن تتوقف عند صفقة أسرى مجانية بل ستذهب أبعد في شروطها نحو نهاية تحقق فيها أهدافها وهي شروط ستكون صعبة على حركة حماس التي ربما لن يكون سهلاً عليها تجرعها، لكن الواقع شديد الصعوبة.

اضف تعليق