أشارت المعطيات الرسميّة الإسرائيليّة إلى أنّه في شهر حزيران (يونيو) الفائت قتلت المقاومة الفلسطينيّة 20 جنديًا من جيش الاحتلال، وأصابت بجراحٍ متفاوتةٍ العشرات منهم.
على صلةٍ بما سلف، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة النقاب عن ارتفاع حادٍّ وغيرُ مسبوقٍ في عدد الجنود الذين يقومون بالانتحار بسبب خدمتهم في قطاع غزّة، ونقلت عن مصادر إسرائيليّةٍ رسميّةٍ أنّه منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، انتحر سبعة جنودٍ، أمّا في العام 2024 فقد أقدم 24 جنديًا على الانتحار، ومنذ بداية العام الجاري 2025 وحتى اليوم انتحر 14 جنديًا في جيش الاحتلال.
وكشف رئيس هيئة الأركان العامّة في الجيش الإسرائيليّ، الجنرال إيال زامير، عن حصيلة خسائر جديدة، وقال إنّ عدد أفراد “العائلات الثكلى” في إسرائيل جراء حرب الإبادة على قطاع غزة بلغ 5942 فردًا، في حين تجاوز عدد المصابين 15 ألف جنديّ.
إلى ذلك، قال المُحلِّل والكاتب الإسرائيليّ، إفرايم غانور، في مقالٍ نشره بصحيفة (معاريف) العبريّة، إنّ محاولات الحكومة الإسرائيليّة لتجميل زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى البيت الأبيض لا تنجح في إخفاء الفشل المرّ والمؤلم الذي يرافق أداء حكومته، خاصة فيما يتعلّق بإدارة الحرب المستمرة ضدّ حركة حماس في قطاع غزة.
وقال: “إنّها حرب تحوّلت من (نصرٍ مطلقٍ) إلى (فشل مطلقٍ)”، ورأى في الوقت عينه أنّ “غزّة هي لعنة رافقت دولة إسرائيل منذ قيامها. لكن، وللأسف الشديد، من بين هذا الشعب المختار والذكي لم يظهر بعد القائد الحكيم المختلف، والذي يفكر بطريقةٍ مغايرةٍ، والذي يقدّم حلًا مناسبًا وصحيحًا لهذا المتلازمة التي حصدت، ولا تزال تحصد، من شعب إسرائيل ثمنًا باهظًا من الدماء”.
وأضاف: “في اللحظة التي تُكتب فيها هذه السطور، ما يزال الغموض يكتنف ما يتعلق بالاتفاق الجاري التفاوض عليه مع حماس، هناك أمر واحد واضح: حتّى في هذه الجولة الطويلة والمروعة ضدّ المنظمة الإرهابية (المقاومة)، مُنينا بهزيمةٍ قاسيةٍ. ويتجلى ذلك بوضوحٍ، كحقيقةٍ واضحةٍ لكلّ عينٍ: سنوقف القتال قبل القضاء على آخر عنصر من حماس، وسننسحب من قطاع غزّة، وسنعيد الأونروا إلى الواجهة كمزود للمساعدات الإنسانية في القطاع، بكلّ ما يحمله ذلك من تبعاتٍ”.
والأهم من ذلك، وفقًا للكاتب: “أننا سنفهم، بعد فوات الأوان، أنّ إعادة الأسرى جرت متأخرة جدًا، وأنّنا دفعنا مقابل ذلك ثمنًا دمويًا باهظًا جدًا. وكلّ هذا، بينما لا تزال تتردّد في الخلفية الأصوات الغريبة التي لا تتوقف عن التكرار: “فقط الضغط المكثف على حماس سيؤدي إلى إعادة الأسرى، وسيجبر حماس على الاستسلام”.
علاوة على ما ذُكِر آنفًا، ذكر الكاتب أنّه “لا يمكن تجاهل حقيقة أن كلّ هذا ينبع من كونها حكومة هذيانية ومسيحانية قادت الجيش والدولة إلى سياسةٍ مدمّرةٍ ومؤلمةٍ في كلّ ما يتعلق بهذه الحرب ضدّ حماس”.
ورأى أنّه: “من الصعب إنهاء الحديث عن لعنة غزّة من دون التطرق إلى تصرف الجيش الإسرائيليّ إلى جانب الإخفاق في السابع من أكتوبر، والذي سيتم التطرق إليه كثيرًا في لجنة التحقيق التي يجب أنْ تُقام، تبرز التساؤلات: كيف لم يتعلم الجيش الإسرائيليّ، هذا الجيش الذكيّ، من حروبٍ سابقةٍ مثل حرب فيتنام ولبنان وغيرها، أنّ الحرب بين حرب عصاباتٍ وجيشٍ نظاميٍّ تنتهي دائمًا بانتصار حرب العصابات؟ فالتاريخ يشهد على ذلك.
ووفقًا للكاتب، فإنّ: “كلّ عاقلٍّ يفهم أنّه لا يمكن لخمس فرقٍ عسكريّةٍ أنْ تنتصر في منطقةٍ مليئةٍ بمئات الأنفاق والخراب، حيث يوجد إرهابيون لا يملكون وسيلة للبقاء سوى القتال من أجل حياتهم. إنّهم يعرفون الأرض جيدًا، ويتعلمون بسرعةٍ كبيرةٍ أنماط تحركات قوات الجيش الإسرائيليّ في القطاع، ويستطيعون مفاجأتهم في كلّ مكانٍ وفي كلّ لحظةٍ وإيقاع خسائر كبيرةٍ، كما يحدث بالفعل تقريبًا يوميًا”.
وشدّدّ الكاتب في ختام تحليله على أنّ الجيش بذل جهودًا كبيرةً في تطوير نظرية الحرب ضدّ الإرهاب. لكن، مع الأسف، في قطاع غزّة يعمل الجيش الإسرائيليّ بخلاف كلّ منطقٍ، والثمن باهظ لا يُحتمل، طبقًا لأقواله.