تتدافع الأحداث في إسرائيل وفي قطاع غزة وفي العالم في شأن حرب البسوس التي يشنها نتنياهو على قطاع غزة منذ ما يزيد على 22 شهرا مما دعانا إلى تسميتها بحرب البسوس التي دامت 40 عاما بين بكر وتغلب ، وانتهت بوساطة مناذرة الحيرة بين القبيلتين .
في إسرائيل ، نتنياهو يقف شبه وحيد أمام الجيش الذي يرفض تنفيذ ما سماه نتنياهو وأنصاره القلة ب “السيطرة ” على مدينة غزة تحاشيا لتبعات مصطلح ” الاحتلال ” القانونية .  وهدف هذه السيطرة الدفع بمواطني المدينة إلى المنطقة الوسطى تمهيدا مثلما يحلم ويتوهم لتهجيرهم مع بقية مواطني القطاع .
مئات الطيارين الاحتياطيين والمتقاعدين قرروا التظاهر ضد ما يريده نتنياهو  ، اليوم الثلاثاء ، الثاني عشر من الشهر ، وأنص على اليوم والتاريخ لكتابتي المقال مطلع شمس هذا اليوم ، ولا أعلم متى ييسر لي الله _­ تعالى _ إرساله إلى ” رأي اليوم ” الغالية . الطيارون يؤيدون موقف رئيس الأركان إيلي زامير الذي يرفض تنفيذ العملية ،ويؤيده في موقفه كل الأجهزة الأمنية ، وسياسيون إسرائيليون سابقون منهم باراك وأولمرت وتسيفي ليفني التي حرضت الهستدروت ، نقابة العمال ، على التظاهر رفضا للعملية لما لها من تكلفة  مالية قدرت ب6 مليارات دولار .

ad

وفي قطاع غزة لا تتوقف آلة القتل والهدم الإسرائيلية المجنونة المتوحشة . وفي العالم غضب واسع عارم على إسرائيل ، وزوال كامل لصورتها الزاهية المزيفة السالفة ، ورئيس وزراء النرويج يصنف حربها في قطاع غزة تطهيرا عرقيا ، وينذر بإلقاء القبض على نتنياهو في حال دخوله النرويج . ولا حظنا تراجعا خفيفا في إصرار نتنياهو على تنفيذ العملية ؛ إذ أعلن أمسِ نيته إنهاء الحرب في غزة مستعملا مصطلح ” المعركة ” بدل الحرب ، والفرق بين المصطلحين واسع .
الحرب مواصلة القتال حتى الانتصار الحاسم لأحد الطرفين ، و ” المعركة ” الاكتفاء بما يشبه التوازن بينهما وصورة نصر يدعيها كلاهما .
على كل حال ، نتنياهو في أسوأ مآزق تاريخه السياسي ، وهو يائس حائر بعد ان حدد لحربه على قطاع غزة هدفا كبيرا أعانه على التمادي فيه ترامب بكل رعونته وتنافر أقواله وقراراته ما حث كثيرين على الريبة في صحة قواه العقلية . وتظاهر الطيارين الاحتياطيين والمتقاعدين إشارة خطر  حمراء كبيرة تنذر نتنياهو وأنصاره القلة سوء عاقبة تهوره وعماه وتخبطه وجريه خلف السراب في قطاع غزة . ومن شأن التظاهر أن يحرك قطاعات عسكرية أخرى، وقطاعات سياسية واجتماعية ومهنية نحو التوسع في التظاهر ضده وضد أنصاره الذين يتقدمهم الأحمقان سموتريتش وبن غفير.

وعندئذ يتوجب التساؤل منه ومن أنصاره: أين المفر؟!
كل ما فعله طوال الحرب مستنكر هائل الغرابة والجنون. وتخبطاته وتناقضاته في أقواله تشبه تناقضات ترامب وتخبطاته، والفرق أن ترامب لا يدفع ثمن تناقضاته وتخبطاته بينما يدفعها نتنياهو نفورا  داخليا منه وقنوطا من قدرته على إدارة الأمور، وقد يدفعها إقصاء له من منصبه بطريقة أو بأخرى . تخلصوا من رابين باغتياله، ومن شارون بإماتته سريريا  حين لم ترُق لهم توجهاتهما لحل الصراع مع الفلسطينيين، ورأوا فيها مهادنة وملاينة للفلسطينيين. وهم إن تخلصوا من نتنياهو فلشعورهم بعجزه عن إدارة شئونهم إدارة تحفظ لهم الحياة والسيرورة الآمنة لوجودهم.
إنهم يقولون إن تكلفة الحرب بلغت 600 مليار شيكل ، والهجرة المضادة تتوسع ، والجنود يتساقطون بالآلاف ضحايا للأمراض النفسية والعقلية، ومنهم من يتخلص من حياته انتحارا ، ومنهم من يفر من الخدمة.
والآن الخلاف بين الجيش والمستوى السياسي يتسع ويشتد ، وهو ليس جديدا . بدأ مبكرا مع جالانت وزير الدفاع السابق، ومع الجنرالات السابقين  الذين استعان بهم المستوى السياسي مثل جانتس وآيزنكوت، وكلهم هربوا من سفينة نتنياهو التائهة في بحر عواصف عواتٍ من صنع أحلامه وتوهماته لتهجير شعب من وطن آبائه وأجداده . الأيام القابلة مثقلة بتحولات كبيرة في الأحداث، نسأل الله  العادل الرحيم  أن تكون لصالحنا، وأن تكون هلاكا لنتنياهو وكيانه.
كاتب فلسطيني/غزة

شاركها.