هذا هو الواقع، فماذا نحن فاعلون !!!
لا أحد يجادل حتى غالبية دول وشعوب العالم والمنظماتالدولية أن إسرائيل كيان استعماري إرهابي عدواني وأنها ضد أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين بل ضد وجود الشعب الفلسطيني سواء كان مقاوماً أو مسالماً،وأن واشنطن تدعمها في عدوانها بل في عهد ترامب تزاود على اليمين اليهودي الصهيوني في تطرفه ومعاداته لفلسطين والفلسطينيين، كما بات واضحاً أن من يفترضأنهم داعمين ومساندين للفلسطينيين بل وأصحاب القضية كالفلسطينيين، ونقصد الدول
العربية والإسلامية، كلهم إما مطبعين مع اسرائيل أو خاضعين وتابعين لواشنطن ولا يجرؤون التمرد على إرادتها وسياساتها في المنطقة أو غير قادرين على مواجهتها أو راغبين بذلك، كما بات من الواضح عجز ما يسمى الشرعية الدولية والمنتظم الدولي عن ردع تل أبيب وواشنطن، وفي السياق الدولي تم الانتقال من حق القوة كمعيار للتعامل مع القضايا والصراعات الدولية إلى حق الأقوى في التغيير وفرض الواقع وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، كما أن محاولة تشكيل محور أو عالم مواز من معارضي هذا العالم الجديد كمحور المقاومة وصلن لطريق مسدودة ولم تنفع الفلسطينيين بل فاقمت من معاناتهم.
هذا هو الواقع والمسار الذي يتجه اليه العالم، أعجبنا ذلك أم لا يعجبنا، وهو ليس خيار مطروح علينا بل واقع قائم. وإن كان سؤال كيف أل الحال بالعالم وبالصراع في منطقتنا لهذا الواقع ما زال مشروعا ومطروحا، بالرغم من أنه كما يقال قُتل بحثا وخصوصا في سبب تردي وتراجع العالم العربي والقصية الفلسطينية، فإن السؤال الأهم ماذا نحن فاعلون؟ وهنا نفترق ونختلف وتتوه البوصلة ولا أحد يعطي الجواب الشافي، والسؤالان مرتبطان لأن معرفة الإجابة الصحيحة عن السؤال الأول ستساعد على نلمس الطريق في الإجابة على السؤال الثاني.
استمر الشعب وأحزابه في تجاهل هذه التحولات الدولية السلبية من حيث موائمتها مع حقنا وعدالة قضيتنا الوطنية واستمرينا متمسكين بما نعتبرها ثوابت ومرجعيات وحقوق سواء تاريخية أو دولية، كحق العودة وحق المقاومة وحق تقرير المصير والحق بالدولة، وفي سياق السعي لإنجاز هذه الحقوق والثوابت راهنت منظمة التحرير الفلسطينية على التسوية السياسية والحل السلمي بعد أن وصلت لطريق مسدود في استعمال حق المقاومة، ورفضت أحزاب وحركات أخرى نهج الأولين ،التسوية السياسية نهج منظمة التحرير،واعتمدت المقاومة كبديل ووصل هذا النهج أيضاً لطريق مسدود بل لنتائج كارثية كما هو حاصل في قطاع غزة.
بعد كل ذلك هل نكتفي بالصراخ والقول إن العالم ظالم لنا ومتآمر علينا ونستمر في إدارة الظهر للعالم أجمع أو نستمر في تراشق الاتهامات لبعضنا البعض أو نتهم تارة إيران ومحور المقاومة وتارة الدول العربية، أو ننتظر معجزة إلهية لتغير الأحوال لصالحنا وهو ما لن يحدث؟ .
علينا القول بصراحة أن لا جدوى من كل حوارات المصالحة ولقاء أمناء الفصائل فهي مضيعة للوقت لأن فاقد الشيء لا يعطيه وكل الطبقة السياسية وصلت لطريق مسدود حتى وإن كانت حسنة النية وصادقة في اختياراتها، والمطلوب تفكير خارج الصندوق، خارج نمط تفكير الفصائل واجندتها وخارج الثقافة السائدة،وخصوصا الثقافة الشعبية الدينية التي تفصل المواطنين عن الواقع وتجعلهم يراهنون على الغيبيات وعلى جماعات إسلامية وعالم إسلامي وهمي لتحرير فلسطين وتحريرهم من الفقر والجوع ،أيضا من ثقافة الأحزاب المدعية أنها وطنية ويسارية وتقدمية ،حتى وإن كان تفكيرا صادما لكل الثقافات وانماط السلوك والتفكير التقليدية، دون التخلي عن حقوقنا الوطنية المشروعة.
للأسف لم يعد من الحكمة الاعتماد والمراهنة فقط على النظام السياسي الفلسطيني القائم، كسلطتين وحكومتين وأحزاب ولا على اجتماع المجلس الوطني أو المركزي أو مؤتمر فتح بصيغتهم السابقة، لتصحيح المسار وإيجادالحلول. التفكير خارج الصندوق يحتاج لجهد أشخاص ومؤسسات بحثية من المؤسسة الرسمية ومن خارجها،ويمكن أن تكون البداية باجتماع ثلة من عقلاء الشعب الفلسطيني مع من تبقى من شرفاء الأمتين العربية والإسلامية لتفكير هادئ لوضع استراتيجية أو خارطة خطة طريق للتعامل مع هذا الواقع؟ فمعركتنا الوطنية مع الاحتلال لن تنتهي بنهاية حرب غزة مهما كانت نتائج هذه الحرب ومهما كانت تهويلات وتهديدات اليمين الصهيوني والرئيس الأمريكي ترامب ومهما كان عجز الطبقة السياسية الفلسطينية والتخاذل العربي، ولا تستطيع أي دولة أو قوة في الأرض أن تنهي وتصفي القضية الفلسطينية لأنها قضية شعب متجذر في أرضه منذ أكثر من أربعة آلاف سنة.
الشعب الفلسطيني ما زل يملك أوراق فوة عديدة، وهيليست الصواريخ والانفاق ولا الأسرى الإسرائيليين عند حركة حماس ،بل الشعب نفسه وعدالة قضيته .
اذا صمد الفلسطينيون وأفشلوا مخطط التهجير فهذا يعتبر أهم إنجاز في ظل الظروف الراهنة محلياً وعربياً ودولياً، كما لن تقوم الدولة اليهودية الخالصة التي يطمحون لها، لأن كل حرب الإبادة والتطهير العرقي والسعي الغربي المهووس لدعم إسرائيل الهدف منه تهجير الفلسطينيين والحيلولة دون فشل وانهيار المشروع اليهودي الصهيوني بعد أن أصبح عدد الفلسطينيين في أرض فلسطين التاريخية (من البحر إلى النهر) يفوق عدد اليهود مما جعل استحالة قيام الدولة اليهودية الخالصة.