ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال من أحد المواطنين جاء فيه: “هل تكفي المواظبة على أداء الصلوات المفروضة في وقتها مع الالتزام بالنوافل، لتعويض الصلوات التي فاتتني خلال فترة تقارب عشر سنوات؟”، وهو سؤال يتكرر كثيرًا بين الناس لما له من أهمية في حياة المسلم وارتباطه بركن أساسي من أركان الدين.
وفي ردها، أكدت دار الإفتاء أن الصلاة فريضة عظيمة فرضها الله تعالى على عباده ليلة معراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجعلها صلة مباشرة بين العبد وربه.
وشددت النصوص القرآنية على وجوب المحافظة عليها، فقال الحق سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، وقال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، كما قال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: 9]، وقوله عز وجل: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
وبيّنت الدار أن المولى سبحانه وتعالى قد وقت لهذه الفريضة مواقيت محددة، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
كما استشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أوضح فيه حكم من نام عن صلاة أو نسيها، حيث قال: «إِذَا رَقَدَ نام أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]» رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
ومن هنا، أوضحت دار الإفتاء أنه لا يجوز الاكتفاء بالمداومة على الصلوات الحاضرة وترك ما فات من صلوات دون قضائها، بل يجب على المسلم الذي ترك الصلاة لسنوات طويلة أن يسعى إلى قضاء ما فاته، وذلك بأن يؤدي مع كل فريضة حاضرة فريضة فائتة، حتى تبرأ ذمته أمام الله عز وجل.
وختمت الدار فتواها بالتأكيد على أن العبد مأمور بالاجتهاد في أداء ما فاته من صلوات مع الحرص على المحافظة على الحاضرة، داعيةً إلى التوبة الصادقة والمواظبة، مع اليقين بأن الله تعالى وحده هو المطلع على سرائر عباده والمتولي لأحوالهم ونياتهم.