ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، يقول: “عينت وصيا ماليا على طفل يتيم، وكان من أصحاب المال الكثير، فهل أخرج الزكاة عن هذا المال أو لأنه صغير لا تجب في ماله الزكاة؟”.
وأجاب لاشين قائلا: “الحمد لله رب العالمين القائل في التنزيل: (وَأُقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَآرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ)، والصلاة والسلام على من كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وبعد: فإن الله قال في القرآن: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)، فرزق بعض العباد رزقاً مباشراً، وأعطاهم من المال زيادة على ما يحتاجون وهم المعروفون بالأغنياء، وأعطى بعض العباد الآخرين ما ينقص عن كفايتهم وحاجتهم وهم المعروفون بين العباد بالفقراء ولكي يعوضهم عن عدم كفايتهم أمر الأغنياء بأن يزكوا الفاضل عن حاجتهم، ويعطونه للفقراء، ولو أن الأغنياء امتثلوا لما أمر الله، وأدوا زكاة أموالهم، وبرهنوا بأدائها على صدق إيمانهم ما وجد بين المسلمين فقير، وتحقق قول العلي الخبير: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ)”.
وأضاف: “وإنما لم يجعل الله الكل أغنياء بل فاضل بينهم في الرزق، وجعلهم متفاوتين فيه لكي يمتحن الغني بغناه، ويبتلى الفقير بفقره حتى يتبين لنا الغني الشاكر من عدمه، والفقير الصابر والفقير المتسخط على قضاء الله وقدره، وصدق الله إذ يقول: (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) وقال في حق الفقير: (وَأَمَّا إِذَا مَا ٱبْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ)”.
وتابع: “وبخصوص واقعة السؤال نقول: في وجوب الزكاة في مال الصغير رأيان لأهل العلم:
الأول، وهو لجمهور الفقهاء أن الزكاة تجب على الصغير إن كان من أهل وجوب الزكاة بأن ملك نصاباً ومر عليه الحول، وكان فاضلاً عن ضرورياته وأساسيات حياته، روى الترمذي والدارقطني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [من ولي يتيماً له مال فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة] وإنما تأكله الصدقة أي تذهب به ولا تبقى عليه إذا أخرجت منه، والمراد بالصدقة التي إذا أخرجت من مال اليتيم أنهت عليه المراد بها الزكاة المفروضة؛ لأن الولي منهي عن أن يتبرع بجزء من مال اليتيم”.
واستطرد: “وذهب أصحاب الرأي الآخر إلى عدم وجوب الزكاة في مال اليتيم، ومرادهم بالزكاة غير الواجبة زكاة المال، أما زكاة الزروع والثمار فتجب على الصبي في زرعه وثمرته بشروطها، واستدلوا على عدم وجوب الزكاة في مال الصغير بحديث رفع القلم عن ثلاثة، ومنهم الصبي”.
ورجح الرأي القائل بوجوب الزكاة في مال الصغير يخرجها عنه وليه، لأن الزكاة حق متعلق بالمال، وحينئذ لا فرق في وجوب الزكاة بين أن يكون هذا المال مملوكاً لبالغ أو لصبي، وحديث رفع القلم يتحدث عن العبادات البدنية التي يضعف عن القيام بها بدن الصبي كالصلاة والصيام فلا إثم عليه إذا تركها طالما كان صبياً.