موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

واشنطن بوست:”إسرائيل” ستسلّم مهمة توزيع المساعدات في غزة لمتعهدين أمريكيين

0 0

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا أعدته كارين دي يونغ وجيري سميث وكيت براون، قالوا فيه إن إسرائيل تخطط للاستعانة بالمتعهدين الأمنيين الأمريكيين لتوزيع المساعدات على غزة، في وقت تقول فيه المنظمات الإنسانية إن الخطة تتناقض مع المبادئ الإنسانية، وإنها غير عملية من الناحية اللوجستية، وستعرّض حياة عمال الإغاثة والغزيين للخطر.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين وعمال إغاثة وأشخاص مطلعين قولهم إن التفاصيل سيتم بحثها والموافقة عليها وإعلانها اليوم الأحد.

ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ قبل نهاية الشهر الجاري، وربما مع زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المنطقة في منتصف أيار/مايو.

وتقول الصحيفة إن ترامب، الذي وعد بإنهاء أزمة غزة، بات يشعر بإحباط متزايد إزاء الحرب المستمرة، والمدى الذي تقوض به أهدافه الأوسع نطاقًا في المنطقة. لكن الخطة رفضتها الأمم المتحدة وعشرات منظمات الإغاثة الدولية بشكل قاطع.

وأضافت الصحيفة أن حياة نحو مليوني فلسطيني في غزة على المحك، إذ من المتوقع أن ينفد مخزونهم من الطعام في الأسابيع المقبلة، وسط تصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الأسئلة، حيث حوّلَها للمسؤولين السياسيين، فيما رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التعليق.

وتم التعرف على ملامح الخطة في مقابلات مع أكثر من اثني عشر شخصًا على اطلاع بها، وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وقد عرض مسؤولون عسكريون إسرائيليون مقترح “خذها أو اتركها” على كبار ممثلي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية في تل أبيب، يوم الجمعة، فيما بدا أنها محاولة أخيرة لإقناع المنظمات المترددة بالانضمام إلى المقترح.

وبموجب الخطة، ستسمح إسرائيل بدخول نحو 60 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية الأساسية والمستلزمات المنزلية إلى غزة يوميًا، وهو عشر الحجم الذي سمحت به بموجب وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع وانتهى في أوائل آذار/مارس.

وسيقوم الجيش الإسرائيلي بتفتيش الشاحنات القادمة من إسرائيل إلى جنوب غزة عند معبر كرم أبو سالم.

وبمجرد دخول المساعدات القطاع، ستتجه الشاحنات إلى مراكز التوزيع التي حددتها إسرائيل في الجنوب تحت حماية شركات التعهدات الأمنية الأمريكية. وسيقوم المقاولون أيضًا بتوفير الأمن داخل المراكز وما حولها.

وسيتم تنفيذ كافة عمليات التوزيع والاتصال المباشر مع الفلسطينيين من قبل عمال الإغاثة الإنسانية غير الحكوميين. وستقتصر الخطة في البداية على ستة مراكز لخدمة القطاع المكتظ بالسكان والذي دمرته القنابل الإسرائيلية في معظمه خلال أكثر من 18 شهرًا من الحرب.

وإذا نجح هذا النموذج، فمن الممكن توسيعه ليشمل شمال ووسط غزة، وفقًا لأحد الأشخاص المطلعين على التفكير الإسرائيلي.

ومن المقرر أن يوفر كل مركز خدمة لما بين 5,000 إلى 6,000 أسرة. وقال أحد عمال الإغاثة الدوليين إن ممثلي تلك الأسر سوف يتسلمون طردًا يزن 44 رطلاً من المواد الغذائية ومستلزمات النظافة كل أسبوعين. وقال شخص آخر مطلع على الأمر إن المساعدات سيتم استلامها أسبوعيًا.

وأضافت الصحيفة أنه سيتم استخدام تقنية التعرف على الوجه لتحديد هوية الزائرين للمراكز.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي سابق شارك في التخطيط الأولي قبل أشهر: “لقد قمنا بالتخطيط العملي الكامل لكيفية توصيل المساعدات المطلوبة، الكمية المطلوبة بالضبط وليس أكثر من ذلك، مباشرة إلى أيدي الناس في غزة والتأكد من عدم وصولها إلى حماس”.

ولم يتضح بعد كيف قام المسؤولون الإسرائيليون بحساب هذا “الوزن الدقيق”، لكن منظمات الإغاثة تقول إنه أقل بكثير من المبلغ المطلوب لإعالة نحو مليوني فلسطيني في غزة.

وأضاف أن السماح بمرور 60 شاحنة يوميًا ما هو إلا تكتيك من جانب إسرائيل لتخفيف الضغوط الدولية، وليس جهدًا حقيقيًا لمعالجة الأزمة الإنسانية.

وحذر العديد من الأشخاص من أن الفجوة بين الإمدادات المتاحة والاحتياجات الفعلية قد تؤدي إلى اندلاع عنف حول المراكز.

ومن المقرر أن يتم توفير بعض التمويل، بما في ذلك لتوظيف شركات الأمن الخاصة، من خلال منظمة غير ربحية جديدة مسجلة في سويسرا.

وتعتبر “مؤسسة غزة الإنسانية” نتاج مشاورات بين الحكومات وقادة المساعدات الدولية الذين يعملون على حل الأزمة الإنسانية في غزة مع منع “حماس” من الاستفادة، بحسب أشخاص مطلعين على عمل المؤسسة.

ورفضت المصادر تقديم مزيد من التفاصيل بشأن الحكومات أو الكيانات التي نظمت أو تمول المؤسسة أو نطاق أنشطتها.

ويزعم مسؤولون عسكريون وسياسيون إسرائيليون أن “حماس” جمعت مئات الملايين من الدولارات خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية عن طريق اختلاس وإعادة بيع المساعدات المخصصة للمدنيين.

وتنفي جماعات الإغاثة وبعض المسؤولين الأمريكيين هذا الادعاء. ولم تقدم إسرائيل أي دليل على حدوث مثل هذه السرقة واسعة النطاق.

وتقول جماعات حقوق الإنسان والحكومات في جميع أنحاء العالم، بمن فيهم بعض أقرب حلفاء إسرائيل في أوروبا، إن إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، ملزمة بموجب القانون الدولي بتسهيل مرور المساعدات دون عوائق إلى غزة.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن المساعدات المتبقية من وقف إطلاق النار كانت كافية حتى الآن لإعالة السكان المدنيين، وإن القانون الدولي لا يلزمها بتقديم المساعدة إذا كانت تساعد العدو.

ومن جهة أخرى، دعا أعضاء الكنيست الإسرائيلي المتشددون صراحة إلى تجويع سكان غزة.

وقال موشيه سعادة، عضو الكنيست عن حزب الليكود، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أواخر الشهر الماضي: “نعم، سأقوم بتجويع سكان غزة، نعم، هذا هو التزامنا”.

وتقول الصحيفة إن المسؤولين العسكريين قدموا نسخة أولية لوكالات الإغاثة في أواخر شباط/فبراير وأوائل آذار/مارس.

ولكن التقدم توقف على مدى الشهرين الماضيين مع اعتراض الأمم المتحدة وجهات أخرى ومناقشة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي نفسه لدور الجيش الإسرائيلي.

وقال أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو إن المساعدات يجب أن تقدم للفلسطينيين مباشرة من قبل الجيش الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن المسؤول السابق عن الملف الفلسطيني في الجيش الإسرائيلي، ميخائيل ميليشتاين، أن “هدفهم الأساسي لاحتلال غزة بأكملها لإنشاء إدارة مدنية أو نظام عسكري في غزة”، وأن توزيع المساعدات الإنسانية سيكون خطوة أولى في هذا الاتجاه.

لكن قائد أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أبلغ الحكومة الأمنية، الشهر الماضي، بأن الجيش ليس جاهزًا لتولي مسؤولية توزيع المساعدات، حسب قول ميخائيل ميليشتاين، ووسط مخاوف بشأن التوسع في المهام والضغط على قوة مرهقة بالفعل.

ولجأت إسرائيل بدلاً من ذلك للتعاقد مع شركتي تعهدات أمنيتين أمريكيتين وتكليفهما في الأمور اللوجستية، وهما شركتا “سيف ريتش سوليوشينز” و”يو جي سوليوشينز”.

وقامت الشركتان بتنظيم نقاط عبور المركبات أثناء فترة وقف إطلاق النار.

وتولت شركة “أس أر أس” عمليات التخطيط والخدمات اللوجستية، والتي يترأسها ضابط استخبارات كبير سابق في “سي آي إيه”، فيل رايلي، ويتمتع بخبرة واسعة وعمل في شركات تعهدات أمنية خاصة.

وبموجب الخطة الإسرائيلية، ستقوم “أس أر أس” بإسناد العمليات الميدانية لشركة “يو جي سوليوشينز” التي يترأسها جيمسون غوفوني، وهو جندي سابق في القوات الخاصة (القبعات الخضر) الأمريكية وخدم في العراق وأفغانستان.

ويجب أن يكون المتعاقدون الأمنيون مسلحين، وأن تكون لديهم قوات حماية خاصة بهم، بدون أن تكون لديهم صلاحيات لاعتقال أحد.

وقد رفض المتحدثون باسم الشركتين التعليق.

وكان الدعم الأمريكي مفتاحًا رئيسيًا في قدرة إسرائيل على شن الحرب. فقد منح الرئيس دونالد ترامب صكًا مفتوحًا منذ خرق نتنياهو لوقف إطلاق النار، لكنه أخبر الصحافيين، في نيسان/أبريل، أنه دفع نتنياهو، في مكالمة هاتفية أخيرة، للسماح بدخول المساعدات إلى غزة.

وتعلّق الصحيفة أن هذا النظام من شأنه أن يعيق عمل المنظمات الإنسانية والدولية التابعة للأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي، حيث تأمل إسرائيل بإقناعهم بالمشاركة في الخطة. وكان من المقرر في الأنظمة السابقة توزيع الوقود والمياه بشكل منفصل.

ولدى العديد من المنظمات الإنسانية قواعد تلزمها بتقديم المساعدات بشكل محايد، في مكان استُدعيت إليه ودون إشراك الجهات المسلحة على أي من الجانبين.

وفي مقابلات مع صحيفة “واشنطن بوست”، أعرب مسؤولون من اثنتي عشرة منظمة إغاثة دولية كبرى تعمل في غزة عن مخاوف كبيرة بشأن الخطة الإسرائيلية، بما في ذلك أن تقييد توزيع المساعدات على عدد قليل من المواقع في الجنوب سيكون تمييزيًا وقد يدفع إلى موجة أخرى من النزوح.

قُتل أكثر من 400 عامل إنساني، معظمهم بغارات ورصاص الجيش الإسرائيلي، منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقًا للأمم المتحدة. واعتقلت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم عمال الإغاثة.

وقد أدى اقتراح استخدام الفحص البيومتري في المراكز إلى تأجيج مخاوف منظمات الإغاثة من إمكانية استهداف العاملين في المجال الإنساني والمستفيدين.

إنها نكتة… السماح بمرور 60 شاحنة يوميًا ما هو إلا تكتيك من جانب إسرائيل لتخفيف الضغوط الدولية، وليس جهدًا حقيقيًا لمعالجة الأزمة الإنسانية

ونقلت الصحيفة عن جوزيف بيليفو، المدير التنفيذي لمنظمة “ميدغلوبال” للمساعدات الطبية: “بالنظر إلى الطريقة التي يتم بها اعتقال المدنيين واحتجازهم بشكل تعسفي وإطلاق النار عليهم في بعض الأحيان، فإن مجرد الذهاب والخضوع لعملية فحص كهذه سيشعر معظم الفلسطينيين بعدم الارتياح تجاهه”.

ويقول بعض عمال الإغاثة إن الأمور اللوجستية التي حددتها إسرائيل غير قابلة للتنفيذ على الإطلاق. ويزعمون أنه من غير الواقعي أن يستطيع الشخص القادر على العمل حمل حزمة مساعدات كبيرة بما يكفي لإعالة أسرة نموذجية لأسابيع، ويحملها على بعد أميال إلى ملجأ.

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أن المنظمة لن تدعم الخطة. وقال في الشهر الماضي: “إن آليات الترخيص التي اقترحتها السلطات الإسرائيلية مؤخرًا لتسليم المساعدات تهدد بمزيد من السيطرة وتقييد المساعدات بشكل قاسٍ حتى تصل إلى آخر سعرة حرارية في وجبة دقيق”، وأضاف: “دعوني أكون واضحًا: لن نشارك في أي ترتيب لا يحترم المبادئ الإنسانية بشكل كامل؛ الإنسانية، والنزاهة، والاستقلال، والحياد”.

وفي الوقت نفسه، اتفقت العشرات من منظمات الإغاثة العاملة في غزة على رفض المشاركة في الاقتراح. وقد أعربت نحو 20 دولة عن مخاوفها في إحاطة موجهة إلى الحكومات الغربية من أن الخطة تنتهك القانون الدولي.

وحذرت الأمم المتحدة ودول ثالثة من أن تنفيذ هذا القرار قد يفتح الباب أمام المساءلة القانونية عن جرائم الحرب إذا ساعدت فيه. وهذا تحذير يحمل منطقًا، حسب عادل حق، أستاذ القانون الدولي بجامعة روتغرز الأمريكية، حيث قال: “الخطة لن تتوافق على الأرجح مع القانون الدولي، ويبدو أن هذا الأمر يؤدي حتمًا إلى استبعاد المدنيين من المساعدات المنقذة للحياة على أساس تعسفي وتمييزي”.

اضف تعليق