“يوم العمال العالمي”.. البطالة في غزة وصلت الثلثين والضفة تعاني الإغلاقات
مع احتقال العالم بـ”يوم العمال”، يواجه عمال فلسطين أصعب ظروف العمل، وسط تردي خطير للأوضاع الاقتصادية، يعد الأسوأ على مستوى العالم، بسبب ظروف الحرب على غزة، والهجمات العنيفة والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وفي تقرير احصائي، نشره الجهاز المركزي للإحصاء، قال إن نتائج مسح القوى العاملة في قطاع غزة في الربع الرابع من عام 2024 أظهرت ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، لتصل إلى حوالي 68% مقابل في هذا الوقت، فيما كانت تسجل حوالي 45% في الربع الثالث من عام 2023، أي قبل بدء العدوان على غزة.
وأظهرت النتائج كذلك تضرر فئة الشباب (1529) سنة بشكل كبير، حيث بات حوالي ثلاثة أرباع الشباب بنسبة 74%، خارج التعليم والتدريب وسوق العمل.
ولم يقتصر الأمر على تضرر سوق العمل في قطاع غزة، فقد أظهرت نتائج التقرير الجديد، الذي اعتمد على مسح قام بتنفيذه جهاز الإحصاء المركزي، أن الأمر طال مناطق الضفة الغربية أيضاً، وإن كان بشكل أقل، بعد تشديد الخناق على محافظات الضفة، وتقطيع التواصل بينها، ومنع وصول العمال للعمل داخل أراضي الـ48، ما أدى إلى شل الحركة الاقتصادية، حيث كان له تأثير مباشر، ليرتقع هناك عدد العاطلين عن العمل إلى 313 ألفاً في عام 2024، مقارنة بحوالي 183 ألفاً في عام 2023، كما ارتفعت معدلات البطالة بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة في الضفة إلى حوالي 31% مقارنة بحوالي 18% في عام 2023.
كما انخفض بسبب الإغلاقات التي فرضها الاحتلال على الضفة بعد الحرب على غزة، عدد العاملين من الضفة الغربية داخل أراضي الـ48 بشكل كبير جداً ما بين عامي 2023 و2024 بحوالي 85 ألف عامل، فبلغ العدد الإجمالي للعاملين حوالي 21 ألف عامل في عام 2024، مقارنة بحوالي 107 آلاف عامل في عام 2023.
وبسبب ظروف الحرب تضاعف مأساة العمال وأسرهم اقتصاديا، خاصة في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من شح المواد التموينية وارتفاع أثمانها، بشكل يفوق قدرة هذه الطبقة الأكبر في المجتمع، وهو ما أدى إلى اعتماد غالبية السكان في القطاع على المساعدات الخارجية التي تقدمها جهات إغاثة دولية، وهي مساعدات أعلنت هيئات الأمم المتحدة عن نفاذها بالكامل، بسبب طول مدة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ الثاني من مارس الماضي، والذي تمنع بموجبه سلطات الاحتلال مرور أي مساعدات سواء غذائية أو طبية للسكان، وسط تحذيرات من مجاعة حقيقية تهدد حياة السكان.
وبهذه المناسبة، طالب المجلس الوطني الفلسطيني، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل لوقف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته بحق الطبقة العاملة الفلسطينية، وأكد أن العامل في قطاع غزة “لا يملك قوت وجبة واحدة لأسرته، ويعيش في ظروف كارثية غير إنسانية تحت القصف والدمار في خيم بالية لا تحمي من حر الصيف ولا برد الشتاء”.
وقال في بيان أصدره بهذه المناسبة “إن عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة تسبب في تدمير المصانع وورش العمل، وشل الاقتصاد كليا، ما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 95%، وسط انتشار الجوع والأمراض وسوء التغذية”.
وأشار إلى أن العمال المقدسيون يتعرضون لانتهاكات يومية ممنهجة من تمييز عنصري، وتضييق على فرص العمل وحرمان من التأمينات والحقوق في محاولة لتهجيرهم، وإفراغ المدينة من سكانها الأصليين، لافتا إلى أن الاحتلال يمارس بحقهم الاستهداف المباشر والاعتقال والتنكيل في إطار سياسة عنصرية ممنهجة.
من جهتها أكدت حركة فتح، أن “يوم العمال” يتزامن هذا العام، مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية من “حرب إبادة إسرائيلية شاملة”، وقالت “إن الاحتلال يواصل حرب الإبادة والتدميرَ الممنهج لكافّة مقوّمات الحياة؛ من خلال استخدام أفظع أساليب الإرهاب والقتل والتدمير والتنكيل، يضاف إلى ذلك؛ تدمير البنى التحتيّة والمرافق العامّة، وتقويض الاقتصاد الوطني الفلسطيني في سعيٍ منه لفرض مخططاته الاستعمارية، كمخططي الضمِّ والتهجير، عبر خلق المناخات المعيشيّة والاقتصاديّة الطاردة، وعرقلة مسارات التنمية الوطنيّة للشعب الفلسطيني”.
وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والحقوقية ذات الصلة بإلزام منظومة الاحتلال الاستعمارية، بوقف انتهاكاتها السافرة بحقّ العمال الفلسطينيين، والانصياع للقانون الدولي والاتفاقات والمعاهدات ذات الصلة، مشيدة بدور عمال فلسطين، وقالت “إن شعبنا بكافّة مكوّناته وشرائحه لن يستكين حتى انتزاع حقوقه الوطنية، المشروعة، وإقامة دولته كاملة السّيادة وعاصمتها القدس”.
وقالت حركة حماس، إن “يوم العمال العالمي” يحل في الوقت الذي يتصاعد العدوان ضد الشعب الفلسطيني، واستذكرت شهداء الحركة العمالية، وأكد أن معاناة عمال فلسطين “جزء من المأساة التي يعيشها شعبنا بفعل الاحتلال، المستمر منذ أكثر من سبعة عقود، والمتصاعد منذ ما يزيد على 18 شهراً”، وأضافت “لا انتهاء لهذه المعاناة إلا بزوال الاحتلال، وإنَّ شعبنا بكل مكوّناته سيبقى متمسّكاً بحقوقه حتّى تحقيق تطلعاته في الحريّة وتقرير المصير”.
وأكدت أن جرائم الاحتلال ضد عمال فلسطين هي “جرائم مُمنهجة تستهدف تعطيل كل مقوّمات الحياة الإنسانية، في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية، مما يستدعي تحركاً أممياً ودولياً عاجلاً لوقف جرائم الاحتلال ضدّهم”، وجددت في ذات الوقت رفضها لكل أشكال الاستهداف الذي تتعرّض له وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، من قبل الاحتلال وداعميه، ونؤكد أنها تعد محاولة يائسة لطمس معالم الشّاهد على جرائمه في تشريد الشعب الفلسطيني واقتلاعه من جذوره، ودعت كل الدول إلى مواصلة دعم “الأونروا” لضمان استمرار تحمل مسؤوليتها ودورها الإنساني.
ودعت كذلك المنظمات الحقوقية والإنسانية عبر العالم إلى الوقوف عند مسؤولياتها في فضح جرائم وانتهاكات الاحتلال المتصاعدة ضد عمال فلسطين، والضغط على الاحتلال لرفع حصاره الظالم على قطاع غزة ومدن وقرى ومخيمات الضفة المحتلة، ومنع الاحتلال من التضييق على العمال في حريتهم وأرزاقهم وأعمالهم، ودعت إلى مواصلة وتصعيد كل أشكال الحراك ضد الاحتلال.