03:15 م
الجمعة 15 أغسطس 2025
كتبت-هند عواد:
في أحد أحياء دولة نيجيرية، اختارت فتاة صغيرة لعب كرة القدم مع الأولاد، فوجدت في تلك الجلدة المستديرة متعتها، هروبا من ظروف عائلتها وغياب والديها.
زلفى عبد العزيز صاحبة الـ18 عاما، لاعبة اتحاد بسيون للسيدات، وجدت نفسها في منزل لا يوجد به سوى جدتها، فلم تعرف والدتها ولم يعش والدها معها، لتجد نفسها تلعب كرة القدم من الأولاد في الحي، ولم يخطر في بالها أنها ستمارس اللعبة بشكل احترافي يوما ما.
فكان السبب ف البداية ارتباطها بالأولاد والمتعة ليس أكثر. وقالت زلفى في حوار خاص لمصراوي: “عشت مع جدتي منذ طفولتي، لم أعرف أمي ووالدي لم يكن يعيش بالقرب منا، لذلك لم أكن معتادة عليه، كبرت قبل أن تخبرني جدتي أن لدي أم، لكن الأمر لم يزعجني، لأن لدي شخصا يهتم بي كأم، وهي جدتي وعمتي”.
وكانت جدة زلفى الوحيدة التي تدعمها في كرة القدم، حتى اللحظة التي عاد فيها والدها للعيش معهما، أجبرها على التوقف عن اللعب، مبررا الأمر بأنها فتاة.
لكن لم تتخلى زلفى عن حلمها، واتخذت طريقا جديدا يمنحها فرصة للعب كرة القدم بعيدا عن والدها. في بداية الأمر كانت تعمل كبائعة متجولة لبيع “جوز الكولا” لمساعدة جدتها، لكن بعد عودة والدها، كانت الطريقة الوحيدة التي تمنحها فرصة للعب كرة القدم، دون أن يراها.
وقبل سنوات قليلة وأثناء وجودها في مصر، فقدت زلفى الشخص الوحيد الذي كان يحبها “جدتها”، مثلما وصفت، لتبدأ أوقاتها الصعبة بوفاة جدتها، وقالت عن هذا الأمر: “كنت أعلم أن والدي لن يسمح لي باللعب”.
اختارت زلفى العيش بمفردها، لممارسة كرة القدم، وواصلت عملها كبائعة متجولة، لتسديد فواتير منزلها، وتقول النيجيرية لمصراوي: “بهذه الطريقة واصلت البقاء على قيد الحياة منذ وفاة جدتي”.
ففي الصباح تبيع زلفى بالشوارع الحلوى، وبعد الظهر تواصل تدريبها، وإذا صادف الأمر وجود مباراة تذهب إليها ثم تعود إلى مكان عملها.
ومثل كثير من اللاعبات في القارة السمراء، تعرضت زلفى للتنمر خلال مسيرتها، لكنها مثلما تغلبت على العقبات في بداية مسيرتها، تغلبت أيضا على هذا الأمر. إلا أن التنمر لم يكن نابعا فقط من كونها فتاة تمارس كرة القدم، بل لارتداء الحجاب.
وقالت لاعبة اتحاد بسيون: “ارتداء الحجاب أثناء لعب كرة القدم لم يكن سهلا، البعض كان يسخر مني وينعتني بألقاب، لكنني تغلبت عليه بالصبر والتحمل”، وكان هذا أصعب تحد واجهته في مسيرتها، بجانب وفاة جدتها،الوحيدة التي كانت تقدم لها الدعم، ولم تجعلها تشعر أنها بلا أم.
من بيع “جوز الكولا” للقاء نيمار
وفي قطر 2022، أثناء بطولة كأس العالم، التقت زلفى بالنجم البرازيلي نيمار لاعب سانتوس الحالي وبرشلونة السابق، ولعبا سويا الكرة.
روت زلفى تفاصيل ذلك اللقاء، قائلة: “قابلت نيمار جونيور من خلال برنامج اسمه “Neymar Jr Red Bull Five A Side”، وكان لهذا البرنامج شروط، منها: رفع مقطع فيديو مدته 60 ثانية تظهر فيه مهاراتك بالمراوغة والتسديد وتسجيل الأهداف، وسيتم اختيار سبعة أشخاص من حول العالم”.
وبالفعل شاركت زلفى في هذا البرنامج، عن طريق مقطع فيديو لها وهي تلعب مع الأولاد، لأنها لم تكن لاعبة محترفة آنذاك، وانتهى بها المطاف في مواجهة نيمار. وتطمح زلفى في تمثيل منتخب نيجيريا للسيدات يوما ما، والانضمام إلى النادي الأهلي.
واختتم زلفى حوارها مع مصراوي بتوجيه رسالة إلى لاعبات نيجيريا، قائلة: “مهما كان ما تمرون به في حياتكم، ومهما كانت الصعوبات، لا تتخلوا عن مسيرتكم، لا تتوقفوا عن الحلم، لا تكفوا عن الإيمان، واصلوا العمل الجاد مهما كان، ابقوا مركزين ومصممين، فلن يضيع جهدكم أبدًا”.