مصراوي
تمكنت أجهزة استشعار متطورة في أعماق البحار من رصد أقوى نيوترينو تم تسجيله على الإطلاق، في خطوة تُعد إنجازا علميا كبيرا في مجال دراسة الجسيمات الدقيقة والكونية.
مشروع KM3NeT
وفي مؤتمر عقد العام الماضي، قدم الفيزيائي جواو إيه بي كويلو، من المختبر الفرنسي للجسيمات الفلكية وعلم الكونيات، مشروعا يعتمد على أجهزة شبيهة بالعيون الاصطناعية الكروية.
وأوضح كويلو أن هذه “العيون” تغطى داخل كرة، وتغلف بدورها داخل كرة أخرى، لتشكل شبكة مستشعرات قادرة على اكتشاف جسيمات النيوترينو فائقة الخفة تحت أعماق المحيط.
وبحسب تقرير نشرته مجلة Nature، يعد هذا النظام جزءا من منصة KM3NeT قبالة سواحل صقلية، ويهدف إلى رصد نيوترينوات غامضة وفائقة الطاقة قد تساعد العلماء على فهم أصل الكون.
تحديات العمل في أعماق البحر
يشكل بناء مرافق تحت سطح البحر تحديا هائلا، حيث يبلغ عمق الجزء المستخدم من منصة KM3NeT نحو 3500 متر، ويتعرض لأكثر من 348 ضعف الضغط الجوي عند سطح البحر.
ومع ذلك، توفر أعماق البحار حماية من الضوضاء الكهرومغناطيسية، ما يمنح أجهزة الاستشعار فرصة أفضل لرصد النيوترينوات.
طبقات الضوضاء وفصل الجسيمات
تعمل المستشعرات على خيوط عمودية بطول 700 متر، وتكشف ثلاث طبقات من الضوضاء. الأولى هي الضوضاء البصرية الطبيعية الناتجة عن اضمحلال نظير البوتاسيوم-40، والتي تستخدم أيضا لمعايرة الأجهزة.
أما الثانية فتتعلق بالأشعة الكونية القادمة من الفضاء الخارجي وتحولها إلى ميونات عند اصطدامها بالغلاف الجوي. الطبقة الثالثة تتعلق بالنيوترينوات الناتجة عن تحلل الميونات في الغلاف الجوي، والتي تُشبه “لبّ الأفوكادو” بعد إزالة القشرة.
النيوترينوات… جسيمات لا تُوقفها الأرض
يتمتّع النيوترينو بخاصية فريدة، إذ يمكنه المرور بسهولة عبر الماء والأرض، إذ أوضح كويلو: “الأرض درع عظيم للأشعة الكونية، لكن النيوترينوات لا تُبالي”، ما يمكن أجهزة ARCA في KM3NeT من التقاط هذه الجسيمات بدقة وتحديد خصائصها.
اكتشاف النيوترينو النشط الأعلى طاقة
وفقا لتقرير Nature، أفادت منصة ARCA بأنها رصدت نيوترينو نشطا يرجح أن يكون الأعلى طاقة حتى الآن. على عكس النيوترينوات الباردة في الغلاف الجوي، يعتقد أن هذا الجسيم قادم من حدث كارثي بعيد في الكون.
هذا الاكتشاف يتيح للعلماء “أرضية اختبارية” لدراسة مصادر النيوترينوات المتفجرة ومواصلة استكشاف الكون بطرق غير مسبوقة.