02:37 م


الأربعاء 03 سبتمبر 2025

وكالات

في عصر العولمة والتكنولوجيا، حيث تتشابك المجتمعات ويصعب العيش بعيدا عن العالم الرقمي، تظل بعض القبائل الإنسانية معزولة، محافظة على أنماط حياة تقليدية تبدو شبه خيالية.

وتقدم هذه القبائل لمحة فريدة عن التنوع البشري من الجزر النائية إلى أعماق الغابات الكثيفة، مع صمود التقاليد، وقوة الروابط المجتمعية.

في هذا التقرير نستعرض أبرز هذه القبائل وتاريخها وعاداتها ومعتقداتها القديمة رغم تقدم التكنولوجيا، إلى جانب التحديات التي تواجهها.

السنتينليز: الحراس المنعزلون لجزيرة نورث سينتينل

تقع قبيلة السنتينليز على جزيرة نورث سينتينل ضمن أرخبيل أندامان ونيكوبار بالهند، ويقدر عدد أفرادها بين 50 و200 شخص.

وحافظت هذه القبيلة على عزلة تامة منذ آلاف السنين، وصدت كل محاولات التواصل باستخدام الأقواس والسهام والرماح، حتى أصبحت مقاومتهم معروفة عالميا وذلك بعد حادث وفاة المبشر الأمريكي جون ألين تشاو عام 2018، الذي اقترب من الجزيرة بشكل غير قانوني وقتل بالسهام.

وأطلق السنتينليز السهام على مروحية عام 2004 بعد تسونامي المحيط الهندي، أثناء تقييم سلامتهم، مؤكدين رغبتهم في الاستقلال.

يعتمد السنتينليز على الصيد وجمع موارد الغابات، بينما لغتهم وعاداتهم ومعتقداتهم لا تزال مجهولة تقريبا، إذ حظرت الحكومة الهندية جميع الزيارات لحماية القبيلة من الأمراض والاعتداءات، والحفاظ على أسلوب حياتهم الفريد.

اليانومامي: محاربو غابات الأمازون

تعيش قبيلة اليانومامي في أعماق غابات الأمازون بين البرازيل وفنزويلا، ويبلغ تعدادهم نحو 38,000 فرد موزعين على 200 إلى 250 قرية.

يشتهرون بهياكلهم الاجتماعية المعقدة وتقاليدهم القتالية والروحية، وقد وثق نابليون شاجنون حياتهم في كتابه يانومامو: الشعب الشرس.

ويعتمد اليانومامي على الصيد وصيد الأسماك وزراعة محاصيل مثل الموز والبطاطس الحلوة، بالإضافة لجمع الفواكه والحشرات، إذ يمارسون طقوسا روحية يصل فيها الشامان إلى الأرواح عبر مسحوق مهلوس يسمى يوبو، وتستخدم هذه الطقوس للعلاج والحرب.

وتاريخيا، شاركوا في غارات بين القرى، ويمارسون أحيانا طقوس أكل رماد أقربائهم تكريما للأرواح.

الهادزا: آخر الصيادين الجامعين في تنزانيا

يقيم شعب الهادزا في شمال تنزانيا، قرب السيرينجيتي وبحيرة إياسي، ويبلغ عددهم بين 1,000 و1,500 فرد. يعدون من آخر الصيادين الجامعين التقليديين في العالم، مع نظام اجتماعي قائم على المساواة ومشاركة الموارد بدون قيادة رسمية.

يتغذى الهادزا على صيد الأنتلوب والقرود، وجمع الحبوب البرية والعسل، ويعتمدون على أدوات بسيطة مثل السهام المشحونة بالسم.

وتركز معتقداتهم الروحية على احترام الطبيعة والأسلاف، بعيدا عن الدين المنظم، حيث أظهرت دراسة في Nature عام 2017 أن ميكروبيومات أمعائهم من الأكثر صحة عالميا، ما يوفر رؤى حول التطور البشري.

الكورواي: سكان بيوت الأشجار في بابوا

في غابات بابوا الإندونيسية، يعيش شعب الكورواي في بيوت شجرية شاهقة، يصل ارتفاع بعضها إلى 140 قدما، لحماية الأسر من الفيضانات والحيوانات المفترسة، إذ يبلغ عددهم حوالي 3,000 فرد، ويعتمدون على الصيد وأشجار الساغو كمصدر رئيسي للغذاء.

ثقافتهم غنية بالروحانية، مع اعتقاد أن الأرواح تسكن الغابة وتؤثر على حياتهم اليومية، ويمارسون طقوسا لاسترضاء هذه الأرواح.

في الماضي، كان بعضهم يمارس أكل لحوم البشر الطقوسي، لكن هذا توقف تدريجيا بتأثير المبشرين وتدخل الحكومة.

السان (البوشمن): الناجون القدماء في الكالاهاري

يعتبر شعب السان من أقدم السكان البشريين، مع جذور تمتد أكثر من 100,000 عام في جنوب إفريقيا، ويعيشون في صحراء الكالاهاري عبر بوتسوانا وناميبيا وجنوب إفريقيا، ويبلغ عددهم نحو 100,000 فرد.

يعتمدون على الصيد وجمع النباتات، ويتمتعون بمهارات تعقب دقيقة جدا، ولغاتهم القائمة على النقر من بين الأكثر تعقيدا في العالم.

ثقافتهم غنية بالتقاليد الشفهية والفن الصخري وطقوس الشامان، مع مساواة اجتماعية واضحة، وبينما واجهوا تهجيرا من أراضيهم التقليدية بسبب الاستعمار والسياسات الحديثة، لكن صمودهم الثقافي يضمن استمرار تراثهم الغني وممارساتهم التقليدية.

شاركها.