مصراوي

رغم أن جزيرة لورد هاو تبدو مؤهلة لتكون مركزا للسياحة المفرطة بفضل جبالها الخضراء وشواطئها البيضاء ومياهها الصافية المليئة بالأسماك، فإن الواقع مختلف تماما.

فالجزيرة، التي تبعد 372 ميلا عن الساحل الشرقي لأستراليا ويسكنها نحو 400 شخص فقط، تخلو شواطئها من الزحام ولا يسمع فيها سوى أصوات الطبيعة.

تقول ليزا ماكيتي، من سكان الجيل السادس وتدير فندقا بوتيكا: “ما لا يوجد هنا هو ما يجعلها فريدة إنها ليست أكبر أو أفضل، لكنها مختلفة”.

سر الحفاظ على الطبيعة

منذ أكثر من 40 عاما، فرضت الجزيرة حدا أقصى لعدد السياح لا يتجاوز 400 زائر في الوقت نفسه، وذلك من خلال تقييد عدد الأسرة المتاحة.

هذا القرار ساهم في حماية الأنواع المتوطنة الفريدة، وحصول الجزيرة على تصنيف موقع تراث عالمي من اليونسكو عام 1982.

يقول دارسيل ماتاسوني من مجلس الجزيرة: “النظام خلق تجربة زائر واحد مقابل كل ساكن، وقلل من التأثيرات البيئية”.

صعوبة الوصول وتكلفة الإقامة

الوصول إلى الجزيرة ليس سهلا؛ فالحجوزات تمتد حتى عام 2026، وتذاكر الطيران قد تتجاوز 666 دولارا أمريكيا. أما تكلفة الإقامة لشخصين فتتراوح بين 200 و3000 دولار لليلة في موسم الذروة.

مجتمع يرفض التوسع

رغم تساؤلات الزوار عن التطوير، يؤكد السكان أن هذا “مفهوم غريب” بالنسبة لهم.ينحدر معظمهم من عائلات استوطنت الجزيرة منذ القرن التاسع عشر، ويحرصون على حماية نمط حياتهم المتوارث عبر الأجيال.

طبيعة لا مثيل لها

وصف عالم الطبيعة إيان هوتون الحياة في الجزيرة بأنها “تشبه فيلما وثائقيا لديفيد أتينبورو” فالجزيرة، بطول سبعة أميال فقط، تضم غابات مطيرة نادرة وساحلا يزخر بالطيور البحرية مثل “بترل بروفيدنس” الودود مع البشر. كما تعد موطنًا لنخيل كنتيا الشهير عالميا.

الجاذبية في القرب من الطبيعة

الشواطئ تقع على بُعد دقائق مشيا أو بالدراجة، والشعاب المرجانية تبعد دقائق فقط بالقارب، على عكس الحاجز المرجاني العظيم الذي يحتاج ساعات للوصول إليه.

تحتضن مياه الجزيرة أكثر من 500 نوع من الأسماك، وأحد أبرز مواقع الغوص “هرم بول”، أطول مدخنة بحرية في العالم.

التزام مشترك بالاستدامة

السكان والزوار على حد سواء يتبنون فلسفة الحفاظ على البيئة. فالجزيرة تفرض تفتيشا صارما للزوار والسلع لحماية التنوع البيولوجي، وأُزيلت منها الحيوانات المفترسة كالخنازير والقطط منذ عقود.

في 2019، نُفذت حملة ناجحة للقضاء على الجرذان والفئران، ما ساعد في إنقاذ طيور نادرة مثل “الدجاجة الخشبية” التي تضاعف عددها عشرة أضعاف.

تهديدات تغير المناخ

رغم هذه الجهود، يظل مستقبل الجزيرة مهددا فارتفاع درجات الحرارة وتكرار الظواهر الجوية القاسية تسبب في تبييض المرجان وموت الغابات السحابية يقول هيسكوكس: “بقاء الجزيرة أصبح في أحضان الآلهة”.

عزلة شكلت هوية

حتى سبعينيات القرن الماضي، كانت الطائرة المائية هي وسيلة الوصول الوحيدة، ما جعل الحياة بسيطة وهادئة بلا تلفزيون أو إنترنت وحتى اليوم، لا توجد خدمة هاتف محمول إلا عبر الواي فاي المنزلي.

غياب مدرسة ثانوية يجبر الأطفال على الدراسة عن بعد أو الالتحاق بمدارس داخلية، بينما تصل الإمدادات عبر سفينة شحن كل أسبوعين تكلفة المعيشة مرتفعة، لكن السكان يعوضونها بالزراعة والمقايضة.

الاستدامة أسلوب حياة

رغم الصعوبات، يفخر السكان بثقافة “القليل هو الكثير”، حيث يعتمدون على الطاقة الشمسية بنسبة 80%، ويُعيدون تدوير كل شيء تقريبا.

تقول ليزا ماكيتي إن حتى الفنادق تهتم بأدق التفاصيل مثل إعادة استخدام أدوات النظافة وكبسولات القهوة بينما يصف أنطوني ريدل فلسفة السكان قائلا: “كلما حافظنا على تفردنا، ازددنا تميزا في العالم”.

شاركها.