كتب : محمود عبد الرحمن
02:55 م
05/10/2025
كتب- محمود الهواري:
تشهد صناعة الأزياء تحولا جذريا مع بروز الملابس الذكية، التي لم تعد مجرد وسيلة للزينة أو الحماية، بل أصبحت منصات تقنية قادرة على مراقبة المؤشرات الصحية لحظة بلحظة، مثل معدل ضربات القلب ومستويات الجلوكوز ونسبة الماء في الجسم، بطريقة غير جراحية، مستفيدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تحليل البيانات.
وبحسب منصة “Springer” الأكاديمية المتخصصة في تقديم الأبحاث في عدة مجالات، تعود جذور الملابس الذكية إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما ظهرت أبحاث عسكرية لتطوير أقمشة موصلة للاتصالات.
ومع تطور البوليمرات المرنة والمواد الموصلة، تحولت الفكرة إلى منتج عملي، لا سيما بعد دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التي سمحت بتحليل البيانات في الوقت الحقيقي والتنبؤ بالمخاطر الصحية مثل الجفاف أو الإجهاد.
المجال الصحي
تتيح الملابس الذكية مراقبة مستمرة لمرضى الأمراض المزمنة، مما يسهل التدخل المبكر عند ظهور مؤشرات خطرة.
الرياضة
توفر الملابس بيانات لحظية تساعد على تحسين الأداء وتجنب الإصابات.
المجال العسكري
تسهم هذه الملابس في تعزيز سلامة الجنود من خلال متابعة المؤشرات الحيوية والظروف البيئية التي يواجهونها.
عقبات أمام الانتشار
رغم الإمكانيات الكبيرة، تواجه الملابس الذكية عدة تحديات أساسية، أبرزها ضعف متانة المستشعرات عند الغسيل أو الاستخدام اليومي، وارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بالملابس التقليدية، إلى جانب مخاوف متزايدة بشأن أمن البيانات الصحية التي تُعد من أكثر المعلومات حساسية.
ابتكارات المستقبل
تركز الأبحاث على تطوير أقمشة ذاتية الشفاء ومواد قادرة على جمع الطاقة من الحركة أو أشعة الشمس، بجانب بروتوكولات أكثر أمانا لحماية البيانات.
هذه الابتكارات قد تجعل الملابس الذكية جزءا أساسيًا من الحياة اليومية قريبا، ليس فقط لتعزيز الصحة، بل أيضا لرفع جودة الحياة عموما.
من المختبر إلى الأسواق
لم تقتصر الابتكارات على الأبحاث العلمية، بل وجدت طريقها إلى الأسواق شركات مثل “سيبيا” الإسبانية، التي تأسست عام 2016، تقدم ملابس يومية سهلة العناية وحازت على جائزة الابتكار للشركات الصغيرة والمتوسطة لعام 2025.
وفي فرنسا، دخلت ماركة “سيغيل” المجال منذ 2014 مستخدمة أليافا صناعية متطورة مقاومة للتآكل والبقع، إلى جانب أقمشة طبيعية مثل صوف الميرينو الذي يساعد على تنظيم حرارة الجسم.
أسعار مرتفعة لكن أكثر استدامة
رغم ارتفاع أسعار هذه الملابس، يرى القائمون على تصنيعها أنها استثمار طويل الأمد نظرا لمتانتها وسهولة العناية بها. كما أن هذه الصناعة تواكب التوجهات البيئية، حيث يسهم قطاع الملابس التقليدي بنحو 10% من انبعاثات غازات الدفيئة عالميا وفقا للبنك الدولي.
ويرى خبراء أن نحو 60% من الأثر البيئي للملابس مرتبط باستخدامها وصيانتها من قبل المستهلك، وهو ما يجعل الملابس الذكية خيارًا أكثر استدامة يقلل من عمليات الغسيل والكي.
نحو وعي استهلاكي جديد
تشير جولييتا ميرسيرا، الخبيرة في الاستدامة بمعرض “بروميير فيزيون” في باريس، إلى وجود توجه متزايد لفهم المواد وكيفية العناية بها لإطالة عمر الملابس، بعيدا عن مفهوم “الموضة السريعة”.