في خطوة مفاجئة وغير معلنة رسميًا، بدأت السلطات السورية بإجراء تعديلات جوهرية على الوثائق المدنية الخاصة بالفلسطينيين المقيمين على أراضيها، شملت تغيير صفتهم القانونية من “فلسطيني سوري” إلى “فلسطيني مقيم”، واستبدال خانة المحافظة بكلمة “أجنبي”، حتى بالنسبة لأولئك المولودين في سوريا.
وكشفت صحيفة “زمان الوصل” السورية، في تقرير خاص، أن دوائر السجل المدني شرعت مؤخرًا بتنفيذ هذه التعديلات، الأمر الذي أثار تساؤلات ومخاوف واسعة لدى الأوساط الحقوقية واللاجئين الفلسطينيين على حد سواء، خاصة أن الخطوة جاءت دون إعلان رسمي، أو توضيح من الجهات المعنية.

وبحسب الصحيفة، التي اطلعت على وثيقة “إخراج قيد عائلي” حديثة، فإن التغيير شمل أفرادًا تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عامًا، حيث تظهر صفة الجنسية بوضوح على أنها “فلسطيني مقيم”، فيما أُزيلت خانة المحافظة لصالح توصيف عام بـ”أجنبي”.

تحوّل إداري أم تغيير في السياسات؟

التعديلات الجديدة تمثل تحولًا كبيرًا في تعامل الدولة السورية مع اللاجئين الفلسطينيين، الذين حظوا تاريخيًا بوضع قانوني خاص منذ نكبة عام 1948. فرغم عدم حصولهم على الجنسية السورية، تمتع الفلسطينيون في سوريا بحقوق شبه متكافئة مع المواطنين في مجالات التعليم، والعمل، والإقامة، والتملك ضمن قيود محددة، وصدرت وثائقهم المدنية تحت إشراف الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب.
لكن وفق المعطيات الجديدة، فإن إلغاء صفة “فلسطيني سوري” واستبدالها بـ”مقيم أجنبي” ينسف هذا الوضع الاعتباري، وينقل الفلسطينيين في سوريا إلى خانة قانونية جديدة قد تحرمهم من العديد من الحقوق المكتسبة على مدى عقود.

صمت رسمي ومخاوف حقوقية

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق من الجهات الرسمية في سوريا يوضح خلفيات هذه الخطوة أو أهدافها، ما يفتح الباب أمام تأويلات متعددة، من بينها احتمال إعادة تعريف من يحق له الإقامة في سوريا، أو إدخال تغييرات على سياسات التوطين، أو حتى تقييد حرية التنقل والعمل والحصول على الوثائق الرسمية.

وتُطرح تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت هذه الإجراءات ستُطبّق بأثر رجعي، لتشمل أجيالًا من الفلسطينيين وُلدوا ونشأوا في سوريا، والذين يُقدّر عددهم بمئات الآلاف.

تداعيات محتملة على الحقوق المدنية

يخشى كثيرون أن تؤثر هذه التعديلات على قدرة الفلسطينيين في سوريا على الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، وتسجيل الزواج والولادات، وتجديد وثائق السفر. كما قد تترك أثرًا سلبيًا على وضعهم القانوني في حال أرادوا السفر أو العودة أو التقدّم للحصول على إقامات دائمة في دول أخرى.
هوية مهددة في غياب إجابات
مع غياب الشفافية الرسمية، يبقى مصير صفة “فلسطيني سوري” مجهولًا، وتتعاظم المخاوف من أن يكون ما جرى بداية لمسار أكثر تعقيدًا في التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات سياسية حساسة، وتُطرح تساؤلات حادة حول مستقبل الهوية والانتماء وحقوق اللاجئين.

شاركها.