كتب – محمود عبده:



04:00 م


23/10/2025


مع تصاعد الاهتمام العالمي بالصحة النفسية، يتجه عدد متزايد من الأشخاص إلى المكملات الغذائية بوصفها بديلا محتملا للعلاجات الدوائية التقليدية في مواجهة الاكتئاب.

ورغم هذا الإقبال الكبير، تبقى الأدلة العلمية بشأن فعاليتها محدودة ومحل جدل واسع.

وتحولت المكملات، إلى سوق ضخمة تسوق على أنها حلول “طبيعية” لمشكلات نفسية معقدة، منها الاكتئاب، وفقا لما أورده موقع ناشونال جيوغرافيك.

ومع معاناة نحو 5.7% من البالغين حول العالم من هذا الاضطراب، يبحث كثيرون عن خيارات متاحة دون وصفة طبية، مثل البروبيوتيك، أوميغا-3، ومستخلصات الأعشاب، على أمل تخفيف الأعراض وتحسين المزاج.

بين الأمل والواقع العلمي

بحسب مراجعة بحثية نشرت في مجلة Frontiers in Pharmacology، وأعدتها الباحثة رايتشل فروست من جامعة ليفربول جون مورز البريطانية، فإن غالبية المكملات الغذائية الشائعة تفتقر إلى أدلة علمية قوية تثبت فعاليتها في علاج الاكتئاب.

وشملت المراجعة عشرات الدراسات السريرية، وخلصت إلى أن تأثير مكملات مثل فيتامينات ب، الميلاتونين، والفيتامينات المتعددة، غالبا لا يتعدى تأثير الدواء الوهمي.

حتى مكملات أوميغا-3، التي طالما ارتبطت بتحسين المزاج، أظهرت نتائج متضاربة في 39 دراسة، حيث لم تظهر معظمها فروقا ملحوظة مقارنة بالعلاج الوهمي.

أما الأعشاب مثل اللافندر، الروديولا، والمليسة، فقد كشفت بعض الدراسات الصغيرة عن نتائج واعدة، إلا أن صغر حجم العينات وتفاوت طرق الاستخدام “بين كبسولات، وشاي، وصبغات” يجعل من الصعب الوصول إلى تقييم علمي دقيق وشامل.

مكملات قد تحدث فرقا

ورغم الصورة العامة غير المشجعة، تشير بعض الأدلة إلى أن أربعة مكملات غذائية قد تساهم في تحسين الأعراض لدى بعض المرضى:

-عشبة القديس يوحنا “سانت جونز وورت”

-البروبيوتيك

-فيتامين د

-الزعفران

كما أظهرت 16 من أصل 26 دراسة تحسنا واضحا في أعراض الاكتئاب لدى من استخدموا خلاصة عشبة القديس يوحنا، خاصة في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة.

وسجلت البروبيوتيك، وفيتامين د، والزعفران نتائج إيجابية في عدد من الدراسات، وإن كانت الأدلة لا تزال محدودة.

تأثير “البلاسيبو” حاضر بقوة

ويشير عدد من الخبراء إلى أن التحسن الذي يشعر به بعض المرضى قد لا يكون ناتجا عن تأثير بيولوجي مباشر للمكملات، بل بفعل ما يعرف بـ”تأثير الدواء الوهمي” “Placebo Effect”، إذ يمكن لإيمان الفرد بفعالية العلاج أن يؤدي إلى تحسن نفسي حقيقي، حتى في غياب مادة فعالة.

تحذيرات طبية.. وغياب للرقابة

ورغم أن هذه المكملات تسوق بوصفها “طبيعية”، إلا أن الخبراء يحذرون من اعتبارها آمنة تلقائيا، والرقابة عليها أقل صرامة من الأدوية الطبية، ما يجعل مكوناتها، جرعاتها، وتفاعلاتها الدوائية غير واضحة أو غير موثوقة في كثير من الأحيان.

فعلى سبيل المثال، قد تتفاعل عشبة القديس يوحنا بشكل خطير مع بعض أدوية الاكتئاب، ما قد يؤدي إلى تفاقم الحالة أو ظهور أعراض جانبية خطيرة.

ويؤكد الباحثون على ضرورة عدم اللجوء إلى المكملات الغذائية كبديل للعلاج الطبي دون استشارة مختص، مشددين على الحاجة إلى تشريعات أكثر صرامة، ومزيد من الدراسات طويلة الأمد، لتحديد مدى سلامة وفعالية هذه المكملات في علاج اضطرابات الصحة النفسية.

وفي وقت تغري فيه الحملات الترويجية التجارية بمصطلحات مثل “طبيعي” و”آمن”، تظل القاعدة الأهم أن ما هو طبيعي ليس بالضرورة فعالا أو خاليا من المخاطر.

شاركها.